لم تهب امرأة نفسها من نساء النبي له كما فعل ميمونة بنت الحارث، التي ذهبت له صلى االله عليه وسلم، وطلبت شرف الالتحاق ببيت النبوة، فأكرمها النبي صلى الله عليه وسلم بأمر إلهي من فوق سبع سموات، بعدما أنزل الله تعالى فيها: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ}.. سورة الأحزاب .
من هي ميمونة بنت الحارث؟
أم المؤمنين ميمونة بن الحارث بن حَزْن بن بُجَير بن الهزم بن رويبة بن عبدالله، أو كما يطلق عليها «ميمونة أم المؤمنين»، آخر من تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم، والتي زوجها ابن عباس للنبي.
وميمونة هي أخت أم الفضل زوجة العباس وهي خالة ابن عباس، وخالة خالد بن الوليد أيضاً ولزواج النبي منها فضل كبير في دخول بني هلال للإسلام.
جاء زواجها من النبي صلى الله عليه وسلم حينما فوضت ميمونة أمرها إلى أختها أمِّ الفضل، فجعلتْ أمُّ الفضل أمرها إلى زوجها العباس، فزوَّجها رسولَ الله، وأصدقها عنه أربعمائة درهم.
ويُقال: إنها هي التي وَهَبَتْ نفسها للنبي، وأنزل الله تعالى فيها: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ}، لما انتهت إليها خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم لها وهي راكبة بعيرًا قالت: الجمل وما عليه لرسول الله.
تزوجت ميمونة قبل النبي صلى الله عليه وسلم، من مسعود بن عمرو الثقفي قبيل الإسلام، ففارقها وتزوجها أبورهم بن عبدالعزى، فمات، ولما تولى ابن العباس أمرها رأى في زواجها من النبي خيراً لتعميق النسب مع بني هلال فعرضها على النبي فتزوجها بالفعل في عمرة القضاء سنة سبع في ذي القعدة.
تقواها وفضلها
شهدت السيدة عائشة رضي الله عنها على تقوى وصلاح أم المؤمنين ميمونة، فقالت عنها: «أما أنها كانت من أتقانا لله وأوصلنا للرحم».
وقد روت عدداً من الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد قال الله تعالى فيها: «وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا».. [الأحزاب: 34].
وتسميتها باسم (ميمونة) إنما سماها بهذا الاسم النبي صلى الله عليه وسلم، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "كَانَ اسْمُ خَالَتِي مَيْمُونَةَ بَرَّةُ، فَسَمَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ صلّى اللهُ عليه وسلّم: مَيْمُونَةَ".
ورُوي لها سبعة أحاديث في "الصحيحين"، وانفرد لها البخاري بحديث، ومسلم بخمسة، وجميع ما روت ثلاثة عشر حديثًا.
وقد وصفها الرسول صلى الله عليه وسلم وأخواتها بالمؤمنات؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الأَخَوَاتُ مُؤْمِنَاتٌ: مَيْمُونَةُ زَوْجُ النَّبِيِّ، وَأُمُّ الْفَضْلِ بنتُ الْحَارِثِ، وسَلْمَى امْرَأَةُ حَمْزَةَ، وَأَسْمَاءُ بنتُ عُمَيْسٍ هِيَ أُخْتُهُنَّ لأُمِّهِنَّ"، وفي هذا الحديث منقبة عظيمة وفضيلة ظاهرة لأم المؤمنين ميمونة رضي الله عنها حيث شهد لها المصطفى صلى الله عليه وسلم بحقيقة الإيمان واستقراره في قلبها هي وأخواتها اللاتي ذكرن معها رضي الله عنهن وأرضاهن.
وفاة ميمونة بنت الحارث
وقد تُوُفِّيَتْ رضي الله عنها بسَرِف بين مكة والمدينة، حيث بنى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك سنة (51هـ= 671م)، عن عمر ناهز 80 عاما.
اقرأ أيضا:
قصة النار التي أخبر النبي بظهورها