في مواجهة "كورونا".. أكثروا من هذه الأدعية لرفع الوباء والابتلاء
بقلم |
علي الكومي |
الخميس 26 مارس 2020 - 02:39 م
أنس محمد
لم يتبق إزاء التطورات الأخيرة من انتشار فيروس كورونا وانعكاساتها على مستقبل بلدان العالم، وحالة الرعب الذي يعرتينا ويسكن قلوبنا، نتيجة الرهبة من الموت، سوى التوجه إلى الله بالدعاء، والاعتصام بالله، أملا ورجاء في إنزال الدواء. فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تَعَوَّذُوا باللَّهِ مِن جَهْدِ البَلاءِ، ودَرَكِ الشَّقاءِ، وسُوءِ القَضاءِ، وشَماتَةِ الأعْداءِ".
فضل الدعاء
فليس هناك أفضل من الدعاء حتى يمكن أن يكون طوق من هذا البلاء الذي حل على الناس في شتى بقاع الأرض، قال سبحانه: (فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ) [الطور: 27- 28]، وقيمة المرء بدعائه ومناجاته مع ربه في وصل حي ومستمر؛ (قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا) [الفرقان: 77]. فالدعاء إلى الله واستنفار الهمم من أجل التوجه إلى الله سبحانه وتعالى ومناجاته، هو السبيل الوحيد في الوقت الحالي والمتبقي لنا، بعد أن ضاقت بنا الأرض بما رحبت، موقنين بأن من يملك مفاتيح السماوات والأرض، ومن يقدر على أن يستجيب لنا فورا؛ وهو وحده من يدفع عنا هذا الوباء والثبور؛ هو الله، : (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [يس: 82]. ولعل حديث النبي صلى الله عليه وسلم "تَعَوَّذُوا باللَّهِ مِن جَهْدِ البَلاءِ، ودَرَكِ الشَّقاءِ، وسُوءِ القَضاءِ، وشَماتَةِ الأعْداءِ"، يعد من جوامع كلِم النبي صلى الله عليه وسلم، حيث اختصر فيه حالنا وضعفنا، إذ إن الاستعاذة تحددت بنص الحديث من جميع الشرور في الدين والدنيا؛ وهو ما يحملنا على أن نلهج بهذا الدعاء العظيم في ليلنا ونهارنا، وفي سفرنا وحضرنا، في الأيام العادية، والأيام المعدية من باب أولى؛ حتى ينجينا الله، ويعصمنا الله من كل بليّة على غرار ما نحن فيه من جائحة الكورونا عافانا الله وإياكم جميعا. ونحن في خضمّ هذا الوباء الفتّاك أحوج ما نكون إليه؛ فنجأر إلى الله رغبا ورهبا، سرًّا وعلانية، خفية وجهرا، فنظرًا لكثرة الأدعية المسجوعة التي يتحمس بها ولها الدعاة ولا سيما في هذا التوقيت، حيث يدخل هذا الدعاء في باب الذكر الذي يحيي القلوب بعد مواتها، وهو جدير بضميمته ضمن أذكار الصباح والمساء، علّ الله أن يرفع عنا هذا البلاء، ولا يرد البلاء إلا الدعاء. وجمع هذا الدعاء بين شروط التوبة الصادقة من ندم، وإقلاع عن المعاصي، وعزم على عدم العودة، ورد المظالم إلى أهلها، فهو أرضية خصبة نصطلح فيها مع الله الذي ربما نسيناه أيام الرخاء فنحن في فقر مدقع إليه في هذه الأيام العصيبة التي نرى الموت يخترم مَنْ حولنا ويختار ولا ندري متى آجالنا؛ هو أدعى إلى الاستغفار والاعتذار إلى الله سبحانه، خاصة عندما تضيق بنا الأرض بما رحبت كما هو الوضع الحالي في عزّ أزمة الكورونا والعالم صار كالنمل قد دخلوا مساكنهم حتى لا يحطمنهم الفيروس الفتاك؛ قال سبحانه: (حَتَّىٰ إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَن لَّا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) [التوبة: 118]. وحين تشتد الأزمة وتضيق الأرض بما رحبت واتسعت ويسري الضيق إلى الأنفس فتختنق أسفا وأسى واكتئابا وخوفا وهلعا ولا سيما إذا لم تطعم بجرعة إيمانية وروحية كافية، وهناك يظن الموسوسون الظنونا؛ في معترك الأحوال المزرية ينبغي أن نعلم أن لا ملجأ من الله إلا إليه؛ وهذا يثمر التوبة، ومن تاب وجد الله توابا رحيما (لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ). وقد يكون البلاء من قلة المال واليد، وكثرة العيال وعدم وجود النفقة عليهم، وكل حالة مزرية تتفاقم على الإنسان، ربما بزوال النعمة، أو تحول العافية، أو فجاءة النقمة، وكل ما يطرأ على الإنسان من خوارم وعوادي بعد الرخاء والصحة والعافية والأمن والاستقرار، وتدخل فيها الديون التي لا يستطيع العبد وفاءها؛ لأنها همٌّ بالليل ذُلٌّ بالنهار، وكل الأخبار المفاجئة التي تدخل على القلب النكد والهموم والغموم والأحزان، فتنغّصها، والاستعاذة تعيد الطمأنينة للقلوب، والنور لها فتستضيئ فتبصر. فالدعاء هو الوحيد الذي يرد البلاء لالابتهال والمناجاة والتذلل والانكسار، والعمل الصالح والصدقات؛ والله بفضله يرفع عنا بعض أقداره التي نجد فيها جهد البلاء؛ قال سبحانه: (يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ) [الرعد: 39]، ذلك لأن الله سبحانه الذي أودع في الكون سننا وأسبابا تفضي إلى مسبباتها ونتائجها هو من أمرنا بالدعاء؛ لرد جهد البلاء؛ وهو الحكيم العليم الذي لا نستغني عنه لحظة فنستجير بحماه ونلوذ به.
ثمرات الدعاء في مواجهة البلاء
من ثمرات الدعاء إما أن يكون الدعاء أقوى من البلاء فيرده ويصرعه، وإما أن يكون مساويا لقوة البلاء فيعتلجان ويصطرعان ربما حتى قيام الساعة، وإما أن يكون أضعف من البلاء فينزل البلاء ولكن الدعاء يخفف من شدة البلاء على كل حال. لذلك أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم حتى مع نزول المطر، أن نقول مع نزول الأمطار والخيرات: "اللهم صيبا نافعا" وليس كلامًا عابرا؛ فهذه أمنا عائشة تروي: "أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان إذا رأى ناشِئًا مِن أُفُقٍ مِن آفاقِ ماءِ ترَكَ عَمَلَهُ، وإنْ كان في صَلاتِه، ثم يَقولُ: اللَّهمَّ إنِّي أعوذُ بِكَ مِن شَرِّ ما فيه، فإنْ كشَفَه اللهُ حمِدَ اللهَ، وإنْ مَطَرَتْ قال: اللَّهمَّ صَيِّبًا نافِعًا". لكن إن زادت وتوجسنا خيفة على أنفسنا وعلى نسلنا وحرثنا ومالنا؛ جأرنا إلى الله وقلنا: "اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا، ولَا عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ علَى الآكَامِ والجِبَالِ والآجَامِ والظِّرَابِ والأوْدِيَةِ ومَنَابِتِ الشَّجَرِ". وفي قوله صلى الله عليه وسلم: (نعوذ بك من سوء القضاء): أي كل ما يسوء الإنسان ويحزنه، ويوقعه في المكروه من الأقضية المُقدَّرة عليه التي جرى بها قضاء الله وقدره الذي لا يسعنا إلا أن نؤمن بخيره وشره، حلوه ومره؛ حتى تغمرنا ألطافُ العناية الربانية . ونبهنا النبي صلى الله عليه وسلم من الشماتة في أحد؛ فإنه ليس من شيم الصالحين، فكيف تشمت بأخيك في مسألة دينية أو دنيوية؛ وقد تبتلى بمرضه أو أشد إن شمت بمريض! وتبتلى بفقير أو أشد إن شمت بفقير، وتبتلى بذنوب ومعاصي إن شمت بمذنب أو عاص، وتجازى من جنس العمل؛ فتعود أن تسأل الله لك ولغيرك العفو والعافية في الدنيا والآخرة. وانتبه دائما إلى أن الشماتة من الأعداء تحزُّ الكبد وتدمي القلب؛ لذا قال بعض الحكماء: "كل المصائب قد تمر على الفتى، فتهون غير شماتة الأعداء". والأفضل أن نسأل الله: "اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ العفوَ والعافيةَ، في الدُّنيا والآخرةِ، اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ العفوَ والعافيةَ، في دِيني و دُنيايَ، وأهلي ومالي، اللَّهمَّ استُرْ عَوراتي، وآمِنْ رَوعاتِي، اللَّهمَّ احفَظْني من بينِ يديَّ، ومن خلفي، وعن يميني، وعن شمالي، ومن فَوقِي، وأعوذُ بعظمتِكَ أن أُغْتَالَ مِن تحتي".