سيدنا عثمان بن عفان الأموي القرشي هو الخليفة الثالث لرسول الله ومن السابقين الأولين لاعتناق الإسلام في بواكير الدعوة الأولي حيث استجاب بشكل فوري لدعوة سيدنا ابو بكر الصديق .. ارتبط بعلاقات وثيقة مع الرسول اثمرت عن مصاهرة النبي باثنين من بناته هم رقية وأم كلثوم رضي الله عنهما حتي اطلق عليه ذو النورين .. بذل الغالي والنفيس في نصرة الإسلام منذ الأيام الاولي للرسالة حتي لقي ربه شهيدا عام 35هجرية.
ولد سيدنا عثمان عام 576ميلاديةقبل بعثة الرسول بخمس سنوات وكان من العشرة المبشرين بالجنة كان أول مهاجر إلى أرض الحبشة لحفظ الإسلام ثم تبعه سائر المهاجرين إلى أرض الحبشة. ثم هاجر الهجرة الثانية إلى المدينة المنورة. وكان رسول اللَّه يثق به ويحبه ويكرمه لحيائه وأخلاقه وحسن عشرته وما كان يبذله من المال لنصرة المسلمين والذين آمنوا بالله، وبشّره بالجنة كأبي بكر وعمر وعلي وبقيةالعشرة، وأخبره بأنه سيموت شهيداً.
عاصر سيدنا عثمان ولايتي خليفةالرسول الأول أبو بكر الصديق وامير المؤمنين عمر وماتا وهما راضيان عنه حتي بويع بالخلافة عام 23هجرية وقد استمرت خلافته نحو اثني عشر عاماً. تم في عهده جمع القرآن وعمل توسعة للمسجد الحرام وكذلك المسجد النبوي، وفتحت في عهده عدد من البلدان وتوسعت الدولة الإسلامية، فمن البلدان التي فتحت في أيام خلافته أرمينيةوخراسان وكرمان وسجستان وإفريقية وقبرص. وقد أنشأ أول أسطول بحري إسلامي لحمايةالشواطئ الإسلامية من هجمات البيزنطيين.
اقرأ أيضا:
هل نمتثل لأوامر الله ورسوله بقلوبنا أم بعقولنا؟.. هذه القصة تكشف لك بركة الاتباعوخلال النصف الثاني من خلافة سيدنا عثمان رضي الله عنه التي استمرت لمدة اثنتي عشرة سنة، ظهرت أحداث الفتنة التي أدت إلى استشهاده وكان ذلك في يوم الجمعة الموافق 18 من شهر ذي الحجة سنة 35 هـ، وعمره اثنتان وثمانون سنة، ودفن في البقيع بالمدينة المنورة.
ورغم الطبيعة الخاصة التي التصقت بشخصية سيدنا عثمان كواحد من اكثر رجال الجزيرة العربية ثراء الإ أن كان من معادن الرجال النادرة والتي تظهر بقوة في وقت الشدائد حيث كانت له مواقف مشهودةكشفت بطولاته وإيثاره وانفاقهالغالي والنفيس من أجل نصرة الدعوة وتثبيت اركان الدولة الاسلامية ودعم الفقراء والمساكين.
ومن المواقف التي اكدت بطولات سيدنا عثمان وسخاءه في دعم الدعوة الإسلامية ما رواه ابن عباس رضي الله عنهماحيث قال: قحط المطر على عهد أبي بكر الصديق، فاجتمع الناس إلى أبي بكر فقالوا: السماء لم تمطر، والأرض لم تنبت، والناس في شدة شديدة،فقال أبو بكر: انصرفوا واصبروا، فإنكم لا تمسون حتى يفرج الله الكريم عنكم،
حبر الأمة سيدنا عبدالله بن عباس استكمل روايته للحادثة قائلا : قال: فما لبثنا أن جاء أجراء عثمان من الشام،فجاءته مائة راحلة بُرًّا -أو قال طعاما- فاجتمع الناس إلى باب عثمان، فقرعوا عليه الباب، فخرج إليهم عثمان في ملأ من الناس، فقال: ما تشاءون؟ قالوا: الزمان قد قحط؛السماء لا تمطر، والأرض لا تنبت، والناس في شدة شديدة، وقد بلغنا أن عندك طعاما،فبعنا حتى نوسع على فقراء المسلمين، فقال عثمان: حبًّا وكرامة، ادخلوا فاشترواالتجارة.
وحينما دخل التجار منزل سيدناعثمان ووجدوا الطعام بداخله خاطبهم ذاالنورين بالقول ، فقال: يا معشر التجار كم تربحونني على شرائي من الشام؟ قالوا:للعشرة اثنا عشر، قال عثمان: قد زادني، قالوا: للعشرة خمسة عشر، قال عثمان: قدزادني، قال التجار: يا أبا عمرو، ما بقي بالمدينة تجار غيرنا، فمن زادك؟
اقرأ أيضا:
"اللهم انج أصحاب السفينة".. ما قصة هؤلاء الذين دعا لهم النبي؟وهنا رد الخليفة الراشد الثالث:زادني الله -تبارك وتعالى- بكل درهم عشرة، أعندكم زيادة؟ قالوا: اللهم لا، قال:فإني أشهد الله أني قد جعلت هذا الطعام صدقة على فقراء المسلمين.
سيدنا عبدالله بن العباس علق علي هذا الأمر قائلا "رأيت من ليلتي رسول الله صلي الله عليه وسلم في المنام وهو على برذون أبلق (الذي فيه سواد وبياض) عليه حُلَّة من نور، في رجليه نعلان مننور، وبيده قصبة من نور، وهو مستعجل،
حبر الأمة خاطب النبي قائلا : فقلت:يا رسول الله، قد اشتد شوقي إليك وإلى كلامك فأين تبادر؟ قال: "يا ابن عباس،إن عثمان قد تصدق بصدقة، وإن الله قد قبلها منه وزوَّجه عروسا في الجنة، وقد دعيناإلى عرسه"
الرؤيا التي رأها سيدنا عبدالله بن عباس عن دعوة النبي لعرس سيدنا عثمان تبين المقام العالي والرفيع لذو النورين وكيف كافأة الله بالصدقة بعشرة امثالها بل زوجه عروسا في الجنة وهو أمر عظيم وخطب جليل يفرض علي الميسورين ضرورة مراعاة الأوضاع التي يمر بها المسلمون في هذه الظروف الصعبة أن ويتخذوا من جود سيدنا عثمان وسخائه علي المسلمين مثلا اعلي في وقت الشدة الذي نعاني منه في زمن الكورونا .