تخلف عدد من الصحابة عن الخروج مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، دون عذر، ما دفع البعض منهم بربط أنفسهم بأعمدة المسجد، اعترافا منهم بخطئهم، وأقسموا أنه لن يفك وثاقهم حتى يرجع الرسول صلى الله عليه وسلم، ويحسم أمرهم.
يقول الصحابي عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، في قوله تعالى:
" وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا"، إنهم كانوا عشرة رهط تخلفوا عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في غزوة تبوك.
فلما قفل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أوثق سبعة منهم أنفسهم بسواري المسجد، وكان ممر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذا رجع من المسجد عليهم.
ولما رآهم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: «من هؤلاء الموثقون أنفسهم».
قالوا: هذا أبو لبابة وأصحاب له تخلفوا عنك يا رسول الله، فعاهدوا الله ألا يطلقوا أنفسهم حتى تكون أنت الذي تطلقهم فترضى عنهم وتعذرهم، وقد اعترفوا بذنوبهم.
اقرأ أيضا:
قصة النار التي أخبر النبي بظهورها فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : «وأنا أقسم بالله لا أطلقهم ولا أعذرهم حتى يكون الله تعالى هو الذي يطلقهم، رغبوا عني وتخلفوا عن الغزو مع المسلمين».
فلما بلغهم ذلك قالوا:ونحن لا نطلق أنفسنا حتى يكون الله تبارك وتعالى هو الذي يطلقنا، فأنزل الله تبارك وتعالى: " وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم".
وعسى من الله واجب، إنه هو التواب الرحيم، فلما نزلت أرسل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إليهم فأطلقهم وعذرهم.
يقول التابعي سعيد بن المسيب: فأرسل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى أبي لبابة ليطلقه، فأبى أن يطلقه أحد إلا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فجاءه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فأطلقه بيده، فجاءوا بأموالهم فقالوا: يا رسول الله هذه أموالنا فتصدق بها عنا واستغفر لنا، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «ما أمرت أن آخذ أموالكم».
فأنزل الله تعالى: خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصلّ عليهم يقول: استغفر لهم إن صلاتك سكن لهم ، يقول: رحمة لهم فأخذ منهم الصدقة، واستغفر لهم وكان ثلاثة نفر منهم لم يوثقوا أنفسهم بالسواري فأرجئوا سنة لا يدرون يعذبون أو يتاب عليهم، فأنزل الله تعالى: "لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة ".