بعد أن انتشرت الرسالة المحمدية في كثير من أرجاء الأرض، وبعد فتح مكة، بدأ النبي في تأسيس الدولة، من أرض المدينة المنورة، التي شهدت كثيرٌ من مواجهات الكفار والمسلمين التي عُرِفَت بـالغزوات، وكانت حياته نواة الحضارة الإسلامية، التي توسعت في بقعةٍ جغرافيَّةٍ كبيرة على يد الخلفاء الراشدين من بعده.
وبدأ النبي صلى الله عليه وسلم في الانطلاق إلى العالمية، بإرسال الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الرسل والملوك كتبًا يدعوهم فيها إلى الإسلام، لنشر دين الله في الأرض.
فنصح بعض الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم بأن يجعل له خاتما يضعه على رسالاته، وقالوا له: "يا رسول الله إنَّ الملوك لا يقرأون كتابًا إلا مختومًا ".
وعن أنس بن مالك قال: كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قيصر، أو إلى الروم، ولم يختمه، فقيل له: إنَّ كتابك لا يُقرأ إلا أن يكون مختومًا، فاتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتمًا من فضة، فنقشه ونقش محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال فكأني أنظر إلى بياضه في يد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ويشير موقع "قصة الإسلام" إلى رواية أخرى لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية في ذي الحجة سنة ست الهجرية أرسل إلى الرسل والملوك يدعوهم إلى الإسلام، وكتب إليهم كتبًا، فقيل: يا رسول الله. إنَّ الملوك لا يقرأون كتابًا إلا مختومًا فاتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ خاتمًا من فضة، "فصّه منه" نقشه ثلاثة أسطر: محمد رسول الله، وختم به الكتب.
اقرأ أيضا:
قصة النار التي أخبر النبي بظهورها كيف اختار النبي نقش خاتمه؟
أبى النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل اسمه فوق اسم الله، حتى ولو كان ذلك لضرورة تنسيقية في شعار الخاتم الخاص به، فكانت أسطر الخاتم الثلاثة: محمد في سطر، ورسول في سطر، والله في سطر، السطر الأعلى: الله، والسطر الأوسط: رسول، والسطر الأخير: محمد، وكان منقوشًا وكتابته مقلوبة ليطبع على الاستقامة، وقد حفرت الأحرف "محمد رسول الله" على فص الخاتم، وعندما يختم به فإن الِحبْر يغطّي الدائرة ما عدا الأحرف المحفورة، فتظهر بعد الختم بيضاء تقرأ بوضوح ويسر.
والصورة الموجودة لخاتم النبي صلى الله عليه وسلم واضحة الكتابة، دقيقة الأحرف، متميزة الخط، متناسقة الوضع، متساوية الأبعاد تقريبًا، لا يخطئ مَن يقرأها.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يلبس خاتمه بيساره، وقيل: بيمينه، وظل خاتمه في يده صلى الله عليه وسلم حتى مات، وفي يد أبو بكر وعمر حتى ماتا، ثم كان في يد عثمان بن عفان ست سنين، فسقط الخاتم في بير أَرِيس، فطلبه عثمان ومن معه ثلاثة أيام في البئر فلم يقدروا عليه، ويبدوا أن عثمان استعمل الخاتم كما استعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم لختم الكتب والوثائق، فسقط الخاتم من يده وهو الأشهر الذي عليه أكثر المصادر المعتمدة، وقيل: سقط من يد مُعَيقيب بن أبي فاطمة الدَّوسي الذي كان أحد كُتَّاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه كان على خاتم النبي صلى الله عليه وسلم.
وكان خالد بن سعيد بن العاص الذي كان من كُتَّاب النبي صلى الله عليه وسلم، قد أهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتمه الذي نُقش عليه "محمد رسول الله" فقد ذُكر أنَّ خالد بن سعيد أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يده خاتم له، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما هذا الخاتم؟" فقال: خاتم اتخذته، فقال صلى الله عليه وسلم: "ما نقشه؟"، قال محمد رسول الله، فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلبسه، فهو الذي كان في يده.
وفي رواية أخرى أنَّ عمرو بن سعيد بن العاص دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم من الحبشة، فقال صلى الله عليه وسلم: " ما هذا الخاتم في يدك يا عمرو؟" قال: هذا حلقة يا رسول الله، قال صلى الله عليه وسلم: " فما نقشها؟" قال: محمد رسول الله، قال: فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم فتختَّمه حتى قبض.