تميزت كلمات الإمام علي بن ابي طالب رضي الله عنه خاصة فيما يتعلق بالدنيا وأحوال الآخرة بجودة العبارة وقوتها، حيث تخرج من القلب إلى القلب.
ولا تزال مواعظه رضي الله عنه، حية معانيها نابضة بحروفها، قوية التأثير، لجلالتها وقوة معانيها.
الخير أن يكثر عملك
يقول الإمام علي :" ليس الخير أن يكثر مالك وولدك ولكن الخير أن يكثر عملك ويعظم حلمك ولا خير في الدنيا إلا لأحد رجلين رجل أذنب ذنوبا فهو يتدارك ذلك بتوبة أو رجل يسارع في الخيرات ولا يقل عمل في تقوى وكيف يقل ما يتقبل".
ومن جميل مواعظه : " إن أخوف ما أخاف اتباع الهوى وطول الأمل فأما اتباع الهوى فيصد عن الحق وأما طول الأمل فينسي الآخرة، ألا وإن الدنيا قد ترحلت مدبرة، ألا وإن الآخرة قد ترحلت مقبلة ولكل واحدة منهما بنون فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا فان اليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا عمل".
وعن رجل من بني شيبان قال : إن علي بن أبي طالب عليه السلام خطب فقال : الحمد لله أحمده وأستعينه وأؤمن به وأتوكل عليه وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليزيح به علتكم وليوقظ به غفلتكم واعلموا إنكم ميتون ومبعوثون من بعد الموت وموقفون على أعمالكم ومجزيون بها فلا تغرنكم الحياة الدنيا فإنها دار بالبلاء محفوفة وبالفناء معروفة وبالغدر موصوفة وكل ما فيها إلى زوال وهي بين أهلها دول وسجال ولا تدوم أهوالها ولن يسلم من شرها نزالها بينا أهلها منها في رخاء وسرور آذاهم منها في بلاء وغرور أحوال مختلفة وتارات متصرفة العيش فيها مذموم والرخاء فيها لا يدوم وإنما أهلها فيها أغراض مستهدفة ترميهم بسمامها وتقصمهم بحمامها وكل حتفه فيها مقدور وحظه فيها موفور".
اقرأ أيضا:
هل القلوب تصدأ .. وما الفرق بين "الران" و" الطبع" على القلب؟إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً
ومن كلماته المؤثرة أنه لما رجع من صفين ودخل أوائل الكوفة رأى قبرا فقال: قبر من هذا؟ فقالوا: قبر خباب بن الأرت.
فوقف عليه وقال: رحم الله خبابا أسلم راغبا وهاجر طائعا وعاش مجاهدا، وابتلي في جسمه آخرا، ألا وإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا.
ثم مشى فإذا هو بقبور، فجاء حتى وقف عليها، وقال: السلام عليكم أهل الديار الموحشة والمحال المقفرة أنتم لنا سلف ونحن لكم تبع وبكم عما قليل لاحقون، اللهم اغفر لنا ولهم وتجاوز عنا وعنهم. طوبى لمن ذكر المعاد وعمل ليوم الحساب وقنع بالكفاف، ورضي عن الله تعالى ثم قال: يا أهل القبور أما الأزواج فقد نكحت، وأما الديار فقد سكنت وأما الأموال فقد قسمت وهذا ما عندنا، فما عندكم، ثم التفت إلى أصحابه وقال: أما أنهم لو تكلموا لقالوا: وجدنا خير الزاد التقوى".