لجنة الفتوي بمجمع البحوث الإسلامية ردت علي هذا التساؤل قائلة :اتفق الفقهاء على أن الأضحية تجزئ بمسنة من الإبل والبقر والغنم، مع ملاحظة أن المسنة ويقصد بها الثنية من كل شيء من الإبل والبقر والغنم فما فوقها مستندة لحديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تذبحوا إلا مسنة، إلا أن تعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن) (رواه مسلم، وأبو داود)،
أما والثني من المعزبحسب فتوي اللجنة فتتعلق "ما استكمل سنتان ودخل في الثالثة"، والثني من الإبل "ما استكمل خمس سنوات ودخل في السادسة"، والثني من البقر والجاموس "ما استكمل سنتين ودخل في الثالثة"، والجذع من الضأن "ما استكمل سنة ودخل في الثانية"،
اللجنة أشارت في الفتوي المنشورة علي الصفحة الرسمية للمجمع علي شبكة التواصل الاجتماعي "فيس بوك " إلي ما ذهب إليه مالك، والليث، والشافعي، واسحاق، وأبو ثور وغيرهم إلى أن الذي يجزئ في الأضحية هو الجذع من الضأن، والثني من غيره، بينما ذهب ابن عمر والزهري إلى أنه لا يجزئ غير الثني، وذهب عطاء والأوزاعي إلى أن الجذع من الكل يجزئ ما عدا جذع المعز، ولكل وجهته ودليله..
اللجنة أشارت إلي أن ثمة مشكلة معاصرة تتعلق بسن الأضحية السابق ذكره تتمثل في أنه في ظل أنظمة التسمين والعلف الحديثة تصل عجول البقر للبلوغ وتتفوق على الإناث وتعطي الحجم الأمثل للحيوان في مدة زمنية (12:14 شهر للعجول) وهي أقل من المدد الواردة في شأن سن الأضحية،
وطبقا لفتوي المجمع يقصد بالحجم الأمثل: الوزن، والجودة، والتكلفة، والقدرة التسويقية عند سن معين، بحيث لو زاد عليه يبدأ في نقصان وزنه، وقلة جودة لحمه، وزيادة التكلفة، وصعوبة تسويقه، بل إن بعض الأقليات المسلمة يتعذر عليها الوصول إلى أضحية تستوفي السن المطلوبة، وإن وجدوا فقد ترفض المجازر ذبحها لكبر سنها وفق قوانينهم، مما يضطرهم إلى التوكيل بذبح الأضحية خارج بلادهم، ومن ثم تهدر شعيرة من شعائر الإسلام أولى بالمراعاة.
فتوي المجمع شددت علي الراجح هو: القول بمشروعية الأضحية بالحيوان البالغ الذي وصل الحجم الأمثل وفق أنظمة التسمين المتعارف عليها استنادا إلى أن السن المطلوبة في الأضحية تهدف لأمر مقاصدي، وهو وفرة اللحم، فالغالب أن السن ليس أمرا توقيفيا أو تعبديا، ومما يؤكد أن السن في الأضحية لأمر مقاصدي هو وفرة اللحم وبلوغ الحجم الأمثل.
دللت اللجنة علي ما ذهبت إليه بدليلين الأول: أن الحيوان المعيب بعيب يؤثر على وفرة لحمه لا يصلح للأضحية، فقد قال البراء بن عازب رضي الله عنه: "قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أربع لا تجزئ في الأضاحي: العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين عرجها، والكبيرة التي لا تنقى". (المغني ج 5 ص 461)، وما ذلك إلا لكونه مظنة ضعفها وعدم وفرة لحمها، ومن ثم فإذا وصل الحيوان في سنن أقل إلى الحجم الأمثل له فإنه يجزئ،.
أما الدليل الثاني وفقا للجنة الفتوي بمجمع البحوث الإسلامية : أنهم قالوا: إن شاة كبيرة الحجم والسمنة أفضل من شاتين دونها في الحجم والسمنة، لأن المقصود هو اللحم، واللحم في الأولى أكبر وأطيب (مغني المحتاج ج 4 ص 360).
اقرأ أيضا:
ما حقوق المطلقة التي تخلت عن واجباتها الزوجية؟اللجنة خلصت في النهاية إلي القول أ المشروعية تستند أيضا قياسا على ما لو أجذع الضأن قبل تمام السنة بسقوط أسنانه، فإنه يجزئ في الأضحية، عملا بالسنة والقياس، أما السنة فعموم خبر أحمد رضي الله عنه: "ضحوا بالجذع من الضأن فإنه جائز" (رواه أحمد، وابن جرير، والبيهقي)، وعند الترمذي حديث: "نعمت الأضحية الجذع من الضأن"، وأما القياس فعلى البلوغ الذي يقع بالأسبق من السن أو الاحتلام، فكذلك هنا يتحقق كونه أجذع يتحقق بالأسبق من السن أو كسر أسنانه ولو قبل السن. (مغني المحتاج ج 4 358 ، الإقناع) فمعيار البلوغ قبل السن معتبر، ولذا جاء في المغني ج 5 ص 461: "إنما يجزئ الجذع من الضأن في الأضاحي لأنه ينزو فيلقح، فإذا كن من المعز لم يلقح حتى يصير ثنيا ".