من الملاحظ في الآونة الأخيرة كثرة الحرائق الكبيرة التي تهز العالم وتدمر الممتلكات وتحصد أرواح المئات في لحظة.. ومع كثرة تفشيها ونشوبها لأسباب مجهولة هل يمكن الجزم بأن هذه الحرائق هي النار التي ورد ذكرها في حديث أشراط الساعة والتي تجمع الناس لمحشرهم.
ويلزم للإجابة على هذا السؤال بيان علامات الساعة الصغرى والكبرى كما يلي:
علامات الساعة الصغرى:
فتح بيت المقدس:عن عوف بن مالك رضي الله عنه ، قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك وهو في قبة من أدم - جلد - ، فقال : ( اعدد ستا بين يدي الساعة : موتي ، ثم فتح بيت المقدس ، ثم موتان يأخذ فيكم كقعاص الغنم ، ثم استفاضة المال حتى يعطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطا ، ثم فتنة لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته ، ثم هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر فيغدرون فيأتونكم تحت ثمانين غاية تحت كل غاية اثنا عشر ألفا ) رواه البخاري .
-ظهور مدعي النبوة الدجالين الكذابين ، ففي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لا تقوم الساعة حتى يُبعث دجالون كذابون قريب من ثلاثين ؛ كلهم يزعم أنه رسول الله )
-تضييع الأمانة بإسناد الأمر إلى غير أهله ؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة . قال : كيف إضاعتها ؟ يا رسول الله ، قال : إذا أسندَ الأمرُ إلى غيِر أهله فانتظر الساعة )
-ظهور النساء الكاسيات العاريات ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( صنفان من أهل النار لم أرهما . قوم معهم سياط كأذناب البقر ، يضربون بها الناس ، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رءوسهن كأسنمة البخت المائلة ، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا )
-كثرة القتل قال صلى الله عليه وسلم : ( لا تقوم الساعة حتى يكثر الهرج . قالوا : وما الهرج ؟ يا رسول الله ، قال : القتل ، القتل )
-عودة أرض العرب مروجاً وأنهاراً ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تقوم الساعة حتى تعود أرض العرب مروجاً وأنهاراً ) رواه مسلم ، وقد اكتشف العلم الحديث هذه الحقيقة، وأخبر علماء الجيولوجيا بمثل ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم قبل ما يزيد عن أربعة عشر قرنا من الزمان .
-ارتفاع شأن المفسدين في الأرض ، واستيلائهم على مقاليد الأمور ، قال صلى الله عليه وسلم : ( إنها ستأتي على الناس سنون خدّاعة ، يُصدَّق فيها الكاذب ، ويُكذَّب فيها الصادق ، ويؤتمن فيها الخائن ، ويخون فيها الأمين ، وينطق فيها الرُّوَيْبِضَة " قيل وما الرُّوَيْبِضَة ؟ قال : السفيه يتكلم في أمر العامة )
علامات الساعة الكبرى:
وقال القرطبي رحمه الله في التذكرة: أول الآيات ظهور الدجال، ثم نزول عيسى عليه السلام، ثم خروج يأجوج ومأجوج، فإذا قتلهم الله بالنغف في أعناقهم على ما يأتي، و قبض الله تعالى نبيه عيسى عليه السلام، وخلت الأرض منا، وتطاولت الأيام على الناس، و ذهب معظم دين الإسلام أخذ الناس في الرجوع إلى عاداتهم، وأحدثوا الأحداث من الكفر والفسوق، كما أحدثوه بعد كل قائم نصبه الله تعالى بينه و بينهم حجة عليهم ثم قبضه، فيخرج الله تعالى لهم دابة من الأرض فتميز المؤمن من الكافر ليرتدع بذلك الكفار عن كفرهم والفساق عن فسقهم، ويستبصروا وينزعوا عما هم فيه من الفسوق و العصيان، ثم تغيب الدابة عنهم و يمهلون، فإذا أصروا على طغيانهم طلعت الشمس من مغربها، ولم يقبل بعد ذلك لكافر ولا فاسق توبة، وأزيل الخطاب و التكليف عنهم، ثم كان قيام الساعة على أثر ذلك قريباً لأن الله تعالى يقول: و ما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون فإذا قطع عنهم التعبد لم يقرهم بعد ذلك في الأرض زماناً طويلاً . هكذا ذكره بعض العلماء.
وعن آخر الآيات الكبرى والعلامات العظمى لأشراط الساعة، وأول الآيات المؤذِنة بقيام القيامة: خروج نارٍ تحشُر الناس إلى محشرهم؛ حيث جاءت الروايات بأن خروج هذه النار يكونُ من اليَمن، من قَعْرة عَدَن، وجاءت روايات أخرى بأنها تخرج من بحر حضرَموتَ، ففي حديث حُذَيفة بن أَسِيد في ذكر أشراط الساعة، وآخره قوله صلى الله عليه وسلم: ((وآخر ذلك نارٌ تخرُجُ من اليمن، تطرُدُ الناس إلى محشرهم))، وفي رواية: ((نار تخرج من قَعْرة عَدَن تَرْحَلُ الناسَ)).
الحرائق وعلامات الساعة:
وبعد ذكر العلامات الصغرى والكبرى، وبالتأمل يتقرر أنه لا يمكن أن تُعدَّ كثرة الحرائق في العالم من علامات الساعة الكبرى أو الصغرى، وإنما ما أهم علامات الساعة الكُبرى هي النار التي تخرج من بحر حضرموت وتدفع الناس دفعًا إلى المحشر، وهي نار مأمورة مهمتُها أن تحشر الناس في محشرهم، جاء في مسند أحمد عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنَّ النَّبيَّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: “ستخرجُ نارٌ قبلَ يومِ القيامةِ من بَحْرِ حضرَموتَ أو من حضرَموتَ تَحشرُ الناسَ قالوا فَبِمَ تَأمُرُنا يا رسولَ اللهِ قال عليكم بالشامِ.