كثيرة هي المحن هذه الأيام، فمن منا من لم يتعرض لمحنة ما، أو مصاب ما، إن لم يكن في بدنه ففي ماله، أو صناعته، أو عمله، لكن الأهم كيف نواجه هذه المحن؟.. وكيف بنا أن نحولها إلى منح؟..
الإجابة بالتوكل والثقة في الله عز وجل، تتبدل كل المحن إلى منح، لاشك في ذلك، فها هو النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، يواجه ما لم يواجهه أحد البتة، ومع ذلك يصبر ويتوكل على الله، فتكون النتيجة انتشار للدين في كل مكان، وقد يقول قائل: وكيف نواجه أصحاب المؤامرات؟..
والإجابة تأتي في قوله تعالى: «الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ الله وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ الله وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ » (آل عمران: 174).
مواجهة المصاب
كلنا بشر.. وبالتالي أي إنسان يتعرض لمحنة ما، تراه لا يهنأ بطعام ولا شراب ولا منام، وهذا نبي الله لوط عليه السلام حينما أحاط به قومه، وأرادوا أذى أصحابه، قال لهم: «لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آَوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ » (هود: 80)، فورًا قرر اللجوء إلى القوي الشديد، فقال عنه النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم: « يرحم الله أخي لوطًا لقد كان يأوي إلى ركن شديد».
بالأساس الدنيا هي دار المصاب والاختبار، قال تعالى: «وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ » (الأنبياء: 35)، لكن قوة الصبر والتحمل هي من تحدد قوة وشدة المؤمن، لذلك يختلف قدر المسلم عن الآخر بمدى صبره وقوة تحمله على الابتلاءات.
القوة بالتوكل
هناك قوة لا يضاهيها قوة مهما كانت، وهي التوكل على الله عز وجل، فهذا نبي الله موسى عليه السلام يلاحقه فرعون وجنوده، ومع ذلك يتسلح بالإيمان والتوكل على الله فتكون النتيجة نجاة له ومن معه وغرق فرعون ومن معه.
قال تعالى مبينًا ذلك: «فَلَمَّا تَرَاءَى الجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ * فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ البَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ العَظِيمِ » (الشعراء: 61-63).
وهذ نبي الله يعقوب عليه السلام يلجأ إلى التوكل بعد أن فقد ابنه وعلى الرغم من خشيته على أبنائه. قال تعالى: «وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ الله مِنْ شَيْءٍ إِنِ الحُكْمُ إِلَّا لله عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُتَوَكِّلُونَ » (يوسف: 67).
إذن عزيزي المسلم أن تجعل من المحن منح أمر سهل ويسير على كل متوكل على الله عز وجل، وصعب ومستحيل على كل فاقد للثقة في الله عز وجل.
اقرأ أيضا:
الجمعة عيد المسلمين.. ماذا عن" الصدقة" وآداب هذا اليوم؟