تجلّت معجزات النبي صلى الله عليه وسلم في معرفته الحسية والمعنوية لما يدور في النفوس، حث أذعن له الآخرون، وعلموا أنه نبي مرسل، وأن ما يقوله ويخبر به هو عين الحقيقة وليس الكذب والخديعة.
جاء يسأل عن البر والإثم:
يقول الصحابي وابصة بن معبد رضي الله عنه: جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا لا أريد أن أدع من البر والإثم شيئا إلا سألته عنه، فأتيته، وهو في جمع من المسلمين حوله، فجعلت أتخطاهم لأدنو منه، فانتهرني بعضهم، فقال: إليك يا وابصة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
فقلت: إني أحب أن أدنو منه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دعوا وابصة، ادن مني وابصة» ، فأدناني حتى كنت بين يديه، فقال: «أتسألني أم أخبرك؟» فقلت: لا، بل تخبرني.
قال: «جئت تسأل عن البر والإثم؟» قلت: نعم، فجمع أنامله فجعل ينكت بهن في صدري وقال: «البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في نفسك، وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوك» .
اقرأ أيضا:
قصة النار التي أخبر النبي بظهورهاثقفي وأنصاري يسألان النبي:
يقول أنس رضي الله عنه : كنت جالسا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجد الخيف فأتاه رجل من الأنصار، ورجل من ثقيف فلما سلما، قالا: جئناك، يا رسول الله، لنسألك.
قال: «إن شئتما أخبرتكما بما تسألاني عنه فعلت، وإن شئتما أن أسكت وتسألاني فعلت» ، قالا: لا، أخبرنا يا رسول الله، نزدد إيمانا أو نزدد يقينا.
فقال الأنصاري للثقفي: سل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بل أنت فسله، فإني أعرف حقك، فسأله، فقال: أخبرنا يا رسول الله.
قال: «جئت تسألني عن مخرجك من بيتك تؤم البيت الحرام ومالك فيه وعن طوافك بالبيت، ومالك فيه، وركعتيك بعد الطواف، ومالك فيهما، وعن طوافك بالصفا والمروة، وعن وقوفك بعرفة، ومالك فيه، وعن رميك الجمار ومالك فيه، وعن نحرك ومالك فيه، وعن حلاقك رأسك، ومالك فيه، وعن طوافك، ومالك فيه» - يعني الإفاضة- قال: والذي بعثك بالحق عن هذا جئت أسألك.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «فإنك إذا خرجت من بيتك تؤم البيت الحرام، لم تضع ناقتك خفا ولن ترفعه إلا كتب الله لك به حسنة ومحا به عنك خطيئة، ويرفع لك بها درجة، وأما ركعتاك بعد الطواف فإنهما كعتق رقبة من ولد إسماعيل.
وأما طوافك بالصفا والمروة فكعتقك سبعين رقبة، وأما وقوفك عشيةعرفة، فإن الله تعالى يهبط إلى السماء الدنيا، فيباهي بكم الملائكة يقول: هؤلاء عبادي جاءوني شعثا غبرا من كل فج عميق، يرجون رحمتي ومغفرتي، فلو كانت ذنوبكم عدد الرمل وكزبد البحر لغفرتها، أفيضوا مغفورا لكم، ولمن شفعتم له، وأما رميك الجمار فلك بكل حصاة رميتها تكفير كبيرة من الكبائر الموبقات الموجبات، وأما نحرك فمدخور لك عند ربك، وأما حلاق رأسك فبكل شعرة حلقتها حسنة يمحى عنك بها خطيئة».
قال: يا رسول الله، فإن كانت الذنوب أقل من ذلك؟ قال: «يدخر لك في حسناتك، وأما طوافك بالبيت بعد ذلك، فإنك تطوف ولا ذنب لك، يأتي ملك حتى يده بين كتفيك، ثم يقول: اعمل لما تستقبل فقد غفر لك ما مضى.
قال الثقفي: أخبرني رسول الله، قال: جئت تسألني عن الصلاة!» قال: «إذا غسلت وجهك انتثرت الذنوب من أشفار عينيك، وإذا غسلت يديك انتثرت الذنوب من أظفار يديك، وإذا مسحت برأسك انتثرت الذنوب عن رأسك، وإذا غسلت رجليك انتثرت الذنوب من أظفار قدميك» .