كان رجل من الأنصار يدخل على النبي صلى الله عليه وسلم ويأتمنه وأنه عقد له عقدا فألقاه في بئر فصرع لذلك النبي صلى الله عليه وسلم فأتاه ملكان يعودانه، فأخبراه أن فلانا عقد له عقدا، وهي في بئر فلان، ولقد اصفرّ الماء من شدة عقده.
فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم فاستخرج العقد فوجد الماء قد اصفرّ، فحل العقد، وقام النبي صلى الله عليه وسلم.
يقول الصحابي زيد بن أرقم: فلقد رأيت الرجل بعد ذلك يدخل على النبي صلى الله عليه وسلم فلم يذكر له شيئا من ذلك ولم يعاقبه.
أثر السحر على النبي
وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم طُبّ حتى أنه ليخيل أنه صنع الشيء وما صنعه، وأنه دعا ربه ثم قال: «أشعرت أن الله أفتاني فيما استفتيته؟».
قلت: وما ذاك؟ قال: «جاءني رجلان فجلس أحدهما عند رأسي، والآخر عند رجلي، فقال أحدهما لصاحبه:
ما وجع هذا الرجل؟ قال: مطبوب، قال: من طبّه؟ قال: لبيد بن الأعصم، قال: في ماذا؟
قال: في مشط ومشاطه وجف طلقه، قال: فأين هو؟ قال: في بئر ذروان ، فأتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «هذه البئر التي أريتها كان نخلها رؤوس الشياطين، وكان ماؤها نقاعة الحناء» فأمر به فأخرج.
اقرأ أيضا:
قصة النار التي أخبر النبي بظهورهالبيد بن الأعصم اليهودي
وروى عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم مرضا شديدا، فأتاه ملكان، فقعد أحدهما عند رأسه، والآخر عند رجليه، فقال أحدهما للآخر: ما ترى؟ قال: طب، قال: وما طبه؟ قال: سحر، قال: ومن سحره؟
قال: لبيد بن الأعصم اليهودي، قال: أين هو؟ قال: في بئر آل فلان تحت صخرة في ركية فأتوا الركي، فانزحوا ماءها، وارفعوا الصخرة، ثم خذوا الركية وأحرقوها».
فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عمار بن ياسر في نضر فأتوا الركي فإذا ماؤها نقاعة الحناء، فنزحوا الماء، ثم رفعوا الصخرة وأخرجوا الركية، وأحرقوها، فإذا فيها وتر فيه إحدى عشرة عقدة، وأنزلت عليه هاتان السورتان فجعل كلما قرأ آية انحلت عقدة، قل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس.
وقال أنس رضي الله عنه: صنعت اليهود لرسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا فأصابه من ذلك وجع شديد، فأتاه جبريل بالمعوذتين يعوذه بهما، فخرج إلى أصحابه صحيحا.
وروى عن كعب بن مالك رضي الله عنه قال: إنما سحره بنات أعصم أخوات لبيد وكان لبيد هو الذي ذهب به، فأدخله تحت راعوفة البئر.
ودسّ بنات أعصم إحداهن، فدخلت على عائشة فسمعت عائشة تذكر ما أنكر رسول الله صلى الله عليه وسلم من بصره ثم خرجت إلى أخواتها بذلك.
فقالت إحداهن: إن يكن نبيا فسيخبر، وإن يكن غير ذلك فسوف يدلهه هذا السحر فيذهب عقله، فدلّه الله عليه.