أخبار

هل سنتذكر في الجنة ما مر بنا في الدنيا من مواقف حزينة ومؤلمة؟

ملعقة من بذور الكتان تحميك من خطر الإصابة بأمراض القلب

مع الارتفاع المتزايد لدرجات الحرارة.. كيف تقي نفسك ضربة الشمس؟

مع ارتفاع درجة الحرارة احرص على هذه العبادة الرائعة.. سقي الماء

ما الذي يسبب حصوات الكلى وهل تحتاج لعملية جراحية؟

دعاء عظيم في زمن الفتن والحروب

أنا فتاة متدينة وفعلت جرمًا عظيمًا ثم أصبت بمرض شديد.. هل هذه عقوبة من الله؟

اللاءات التسعة في سورة ”الكهف.. تعرف عليها لتصحيح منهج حياتك والفوز بالجنة

الدعاء عندما يشتد بك البلاء وتقع عليك المصيبة

"وعلى ربهم يتوكلون".. اجعلها ذخرًا لك حتى الموت

خطبة الجمعة غدا.. الولاء للأوطان من الدين .. كيف نحققه؟

بقلم | التحرير | الخميس 01 اكتوبر 2020 - 07:40 م
تماشيا مع ما ينفع المسلمين وخاصة الدعاة نقدم زادًا للدعاة يعينهم على البحث ويفتح لهم الطريق لاستلهام الدروس والحكم من خلال نشر الوعي وإمدادهم بزاد ثقافي كل أسبوع..
الولاء للوطن: لماذا وكيف؟

"الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين، وبعد: فلقد كان من بين أعظم نعم الله على العباد أن هيّأ لهم أسباب السكن والاستقرار في هذه الأرض، قال تعالى: {وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ} [الأعراف: 10].
ويظلّ للأرض والأوطان قدسيتها ومكانتها في قلوب أبنائها.. وهذا هو حال أهل الفطرة النقية وأهل العقل الصادق، فضلا عن أنّ الشعور بالانتماء هو شعورٌ فطريٌّ يولد مع الإنسان بميلاده؛ حيث يأوي كل مخلوق إلى أرضه ووطنه.
ويُعدّ من أهم ملامح قوة أي دولة ثبات الانتماء لها في قلوب أبنائها. ولذا يأتي دور الدولة في تثبيت هذا الانتماء والعمل على تنميته بالوسائل المُتاحَة ماديا ومعنويًّا. وحتى نستبين الأمر أكثر فحديثي معكم اليوم حول مفهوم الانتماء الذي يريده الإسلام، وكيف نثبت الانتماء للأوطان؟

أولا: مفهوم الانتماء:

 حالة من الشعور الذاتي بالانضمام والارتباط الإيجابي للدين والوطن، والعمل على رخائه ونهضته ورقيّه وحمايته.
والانتماء حالة معنوية وحسية، فأما المعنوية فحالة القلب بالسـرور والسكن إلى وطنه والأُنس بما فيه، وأما الحسية: فهو كل جُهد يُبذل لصالح الوطن واستقراره وبنائه وصرف الأذَى عنه.
وتحقيق الانتماء في النفوس مسؤولية مجتمعية متكاملة، تقوم الأسرة فيها بنصيب، والمدرسة، والجامعة، والإعلام، والدولة كحكومة وقانون، والبيئة المحيطة بالإنسان.... إلى غير ذلك.

ثانيًا: الوطن قطعة من جسد الإسلام: 
إنّ الإسلام العظيم كان ولا يزال حريصًا على تنمية الانتماء في النفوس للأوطان، وقد ثبت في القرآن الكريم والسنة المطهرة ما يُدَلِّل على ذلك، يقول تعالى: {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا} [النساء: 66]. كما ثبت في السنة والسيرة قول النبي صلى الله عليه وسلّم لمكة يوم أجبره قومه على الخروج منها: «وَاللَّهِ إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ، وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إِلَى اللَّهِ، وَلَوْلَا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ» قال الإمام الحاكم في المستدرك: «هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ».
وقد روى البخاري في صحيحه مما يدلل على مشروعية الشوق للوطن والحنين إليه، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا قدم من سفر فرأى دُرجات المدينة -وطنه الذي ناصره وأيّده- أوضع ناقته، أي أسرع بها. قال ابن حجر في فتح الباري: [فيه دلالة على مشروعية حب الوطن، والحنين إليه].
ومما يؤكّد ذلك أيضًا التطبيقات الإسلامية قديمًا وحديثًا فهذا بلال لم يُعرف في تاريخ الإسلام إلا بنسبته إلى وطنه: بلال الحبشي، وصهيب الروميّ، وسلمان الفارسيّ، والطفيل الدوسيّ، فقد ظلّ كل هؤلاء بنسبتهم إلى أوطانه، ظل بلال حبشيًّا، وصهيب روميًّا، وسلمان فارسيًّا، والطفيل دوسيًّا، لكنهم ما نَسَوْا انتماءهم الأساس والأعظم إلى رسالة الإسلام، وما يتعارض هذا مع ذاك، وما طُلِب منهم لإثبات وطنيتهم للبلد الجديد أن يتنازلوا عن جنسيتهم الأصليّة!!
وعلى هذا فإن الوطنية جزء من الإسلام والانتماء للوطن جزء من الانتماء للدين بشرط ألا يكون الانتماء للوطن على حساب الانتماء للدين وتشريعاته وأخلاقه وسماته النقية الصافية.

ثالثًا: صور الانتماء الحقيقي للوطن: 
إنّ من أولى المهام وأخطر الواجبات التي ينبغي أن يضطلع بها أبناء الوطن: حراسة الأوطان والعمل على حمايتها وبنائها وتنميتها والعمل على نهضتها. وحتى يحدث ذلك ويتحقّق فإليكم التالي:
1.بناء الإنسان واحترام كرامته ومكانته الإنسانية وتحقيق حقوقه في حياة كريمة ولقمة عيش شريفة يعفّ بها نفسه عن السؤال، وتحقيق الأمان له ليحيا آمنًا مطمئنًّا. وهذا هو عين الاستثمار الحقيقي في الوطن؛ فكما أكّد علماء الاجتماع بأن بناء الإنسان مقدّم على بناء العمران.
2.وحدة الصف المجتمعي بتجميع أبناء الوطن على القواسم المشتركة المتفق عليها، وهي كثيرة بلا شك وإن اختلف الدين أو الأفكار والرؤى والأيدلوجيات بين الناس.
3.إتقان العمل كل في مجاله، وبث روح العمل المتْقَن لزيادة الإنتاج وتحقيق الاكتفاء الذاتي للوطن؛ وحتى ينخلع الوطن من تبعية الآخرين في الغذاء والكساء والبناء والتعمير. وكما يقول الشيخ الشعراوي -رحمه الله-: (من لم يكن طعامه من فأسِه، فلن يكون قراره من رأسه)..
4.بث الأمل في نفوس أبناء الوطن وزرع اليقين في القلوب بأنّ الله تعالى هو الملِك وهو المتحكّم في هذا الكون وأنّ الأمور ستجري إلى خير بلا شك، طال الزمان أو قصر، قال تعالى: {وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف: 87]، وقد حكى لنا مولانا سبحانه ما قاله نبي الله موسى عليه السلام لأبناء وطنه وجنسه يومًا: {عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} [الأعراف: 129] وهذا دور أي وطنيّ محب لوطنه.
5.حماية الوطن من شيوع الفاحشة ونمو الأخلاق الفاسدة في رحابه؛ فإن انتشار مثل تلك الفواحش يخرّج جيلا مهزوزًا لا يقوى على الصمود في وجه عدو فضلا عن الصمود في وجه الشهوات الفانية، وبالتالي ينبغي الحرص العام على بناء منظومة القيم والأخلاق.
6.تقديم المصلحة العامة على المصلحة الجزئية الخاصّة في كل المستويات؛ فإنّ المصالح الكلية أعمّ وأبقى وأهمّ، كمثل تولية وانتخاب أهل الصلاح دون أهل الفساد ومن اشتهر عنهم الانحراف والانجراف نحو الفساد المالي والأخلاقي والإداري، وقد قال صلى الله عليه وسلّم: «مَنِ اسْتَعْمَلَ رَجُلًا مِنْ عِصَابَةٍ وَفِي تِلْكَ الْعِصَابَةِ مَنْ هُوَ أَرْضَى لِلَّهِ مِنْهُ فَقَدْ خَانَ اللَّهَ وخانَ رَسُولَهُ وخانَ الْمُؤْمِنِينَ» ذكره الإمام الحاكم في المستدرك على الصحيحين وقال: «هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الإِسْنَادِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ».
7.تقدير أهل الإبداع في المجالات المختلفة مما يُساعِد على تنمية المجتمع، وترميز أهل الكفاءات والطاقات المبدعة وتكريمهم أمام الناس؛ ليشعر المُجِدّ بأنه صاحب قيمة وقامة، مع إهمال أو الغفلة عن أهل الفُحش وعدم ترميزهم أمام الشباب وإلا ماتت الهمم وضاعت القيم.
ويتبيّن لنا في الختام أنّ:
الولاء للوطن فرض شرعيٌّ وأمرٌ فطريّ وواجب حياتيّ، كما أنّ تحقيق الانتماء والولاء للأوطان عملية مجتمعية متكاملة يجب أن يشارك فيها جميع أبناء الوطن، فضلا عن تقديم صورة عملية للوطنية لا بالكلام؛ وإنما بالتطبيق والتنفيذ لما سبق شرحه وبيانه من وسائل تثبيت الانتماء والولاء للوطن والحفاظ عليه.
ونسأل الله تعالى أن يحفظ بلادنا وأن يُديم عليها نعمة العافية في كل جانب من جوانب حياتها وحياة أبنائها، وأن يرفع قدرها بين الشعوب والأمم.



الكلمات المفتاحية

الولاء للأوطان خطبة الجمعة كيف نحقق الانتماء

موضوعات ذات صلة

الأكثر قراءة

amrkhaled

amrkhaled تماشيا مع ما ينفع المسلمين وخاصة الدعاة نقدم زادًا للدعاة يعينهم على البحث ويفتح لهم الطريق لاستلهام الدروس والحكم من خلال نشر الوعي وإمدادهم بزاد ثقا