روي عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: «ألا تسألني من هذه الغنائم التي يسألني أصحابك؟».
قلت: أسألك أن تعلمني مما علمك الله، فنزع نمرة عن ظهره فبسطها بيني وبينه، فحدثني حتى إذا استوعبت حديثه، قال: «اجمعها فضمها إليك».
يقول أبو هريرة: فأصبحت لا أسقط حرفا مما حدثنيه وقال أيضا : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بتمرات، قلت: ادع الله لي فيهن بالبركة، فدعا، وقال: «خذهن فاجعلهن في مزود، فإذا أصبحت فأدخل يدك ولا تنثر نثرا» .
قال: فجهزت منه كذا وكذا وسقا في سبيل الله، وكنا نأكل منه ونطعم، وكان لا يفارق حقوي حيثما ذهبت، فلما كان يوم الدار، يوم عثمان رضي الله عنه، انقطع وذهب.
وقال أبو هريرة رضي الله عنه: إني لأستغفر الله وأتوب إليه كل يوم اثنتي عشرة ألف مرة، وذلك على قدر ديته أو قال: ديتي.
اقرأ أيضا:
من وصايا الرسول: إذا أحببت أحدًا.. فأبلغه بحبكوعن حذيفة رضي الله عنه، قال: قال رجل لابن عمر: إن أبا هريرة يكثر الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ابن عمر: أعيذك بالله أن تكون في شك مما يجئ به؟ ولكنه اجترأ وجبنا.
وقال أبيّ بن كعب رضي الله عنه، قال: كان أبو هريرة رضي الله عنه، جريئا على النبي صلى الله عليه وسلم يسأله عن أشياء لا نسأله عنها.
وعن ابن عمر رضي الله عنه، أنه مر بأبي هريرة رضي الله عنه، وهو يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم: " من تبع جنازة فله قيراط، فإن شهد دفنها فله قيراطان، القيراط: أعظم من أحد ".
فقال ابن عمر: يا أبا هريرة، انظر ما تحدث به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام إليه أبو هريرة حتى انطلق إلى عائشة رضي الله عنها، فقال لها: يا أم المؤمنين، أنشدك الله أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من تبع جنازة فصلى عليها فله قيراط، وإن شهد دفنها فله قيراطان» .
فقالت: اللهم نعم، فقال أبو هريرة: إنه لم يكن يشغلنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم غرس، ولا تجارة بالأسواق، وإنما كنت أطلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمة يعلمنيها، أو أكلة يطعمنيها.
فقال ابن عمر: يا أبا هريرة، كنت ألزمنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأعلمنا بحديثه.
قال أهل التاريخ: مات أبو هريرة رضي الله عنه، في خلافة معاوية رضي الله عنه، سنة ثمان وخمسين، ومات في تلك السنة أيضا عائشة، وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما.
وكتب الوليد بن عتبة وهو أمير المدينة إلى معاوية رضي الله عنه، يخبره بموت أبي هريرة، فكتب إليه انظر من ترك فادفع إلى ورثته عشرة آلاف درهم، وأحسن جوارهم وافعل إليهم معروفا، فإنه كان ممن نصر عثمان رضي الله عنه، وكان معه في الدار.