منذ اليوم الأول لدعوته ظهرت عداوة المبغضين لدعوة الإسلام، ولم يسلم النبي صلى الله عليه وسلم ولا صحابته من أذاهم، حتى هدهد الله قلب نبيه بقوله تعالى: «إنا كفيناك المستهزئين».. فكفى الله تعالى رسوله أمر المستهزئين.
قال الله تعالى: " ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزؤن" [الأنعام 10] ، وقال عز وجل: " ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا، وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ولا مبدل لكلمات الله، ولقد جاءك من نبإ المرسلين" [الأنعام 34].
قال ابنت عباس رضي الله عنهما: المستهزؤون هم الوليد بن المغيرة والأسود بن عبد يغوث والأسود بن المطلب، والحارث بن عيطلة السهمي.
فلما أكثروا برسول الله صلى الله عليه وسلم الاستهزاء أتاه جبريل فشكا إليه فأراه الوليد، فأومأ جبريل إلى أكحله، قال: «ما صنعت؟» قال: كفيته ثم أراه الأسود بن المطلب فأومأ إلى عينيه، فقال: «ما صنعت؟» قال: كفيته، ثم أراه الأسود بن عبد يغوث، فأومأ إلى رأسه، فقال: «ما صنعت؟» قال: كفيته.
اقرأ أيضا:
ماذا تعرف عن الريح التي تقبض أرواح المؤمنين؟ فأما الوليد فمر به رجل من خزاعة، وهو يصنع نبلا له، فأصاب أكحله، فقطعها، وأما الأسود بن المطلب فنزل تحت شجرة، فجعل يقول: يا بني ألا تدفعون عني.
فجعلوا يقولون: ما نرى شيئا، وهو يقول: قد هلكت ها هو ذا أطعن بالشوك في عيني فلم يزل كذلك حتى عميت عيناه.
وأما الأسود بن عبد يغوث فخرج في رأسه قروح فمات منها وأما الحارث فأخذه الماء الأصفر في بطنه حتى خرج من فيه فمات منها.
و أما العاص فركب إلى الطائف على حمار ، فدخل في أخمص قدمه شوكة فقتلته.
وكان رجل يجلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فإذا تكلم النبي صلى الله عليه وسلم بشيء اختلج بوجهه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «كن كذلك» فلم يزل يختلج- يرتعش- حتى مات.
وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: مرّ النبي صلى الله عليه وسلم علي ناس بمكة فجعلوا يغمزون في قفاه، ويقولون: هذا الذي يزعم أنه نبي، ومعه جبريل، فغمز جبريل، فوقع مثل الظفر في أجسادهم فصارت قروحا حتى نتنوا فلم يستطع أحد أن يدنو منهم فأنزل الله تعالى:" إنا كفيناك المستهزئين".