تعطل الأمراض النفسية حياة الناس أكثر من الأمراض الجسدية، وعلى الرغم من ذلك فهناك واحد من كل 3 أشخاص فقط قد يطلب المساعدة النفسية المتخصصة، بينما تشير التجارب والأبحاث إلى شدة فعالية علاجات الأمراض النفسية، ووفقًا لتقرير صدار عن مجموعة سياسات الصحة العقلية التابعة لمركز الآداء الاقتصادي فإن الشخص المصاب بالاكتئاب الأكثر إعاقة بنسبة 50% من شخص مصاب بالذبحة الصدرية، أو الربو أو السكري أو إلتهاب المفاصل، والأخطر أنه كلما زادت درجة الاضطراب أو المرض النفسي، زادت احتمالية عزوفه عن طلب المساعدة المتخصصة.
ويشير الدكتور مارك إس كومراد، الطبيب النفسي ومؤلف كتاب" أنت بحاجة إلى مساعدة" إلى سبب رئيس يدفع المصاب باضطراب أو مرض نفسي للعزوف عن طلب المشورة أو المساعدة المتخصصة، ألا وهو تأصل الإعتماد على الذات في نفسية الشخص، مما يجعله ينظر لنفسه على أنه سيظهر بمظهر الضعف عندما يطلب المشورة أو المساعدة، ويحول هذه المشاعر إلى وصمة داخلية تمنعه من ذلك، كما أن افتقار الكثيرين من المرضى للبصيرة لا يجعلهم يقتنعون أنهم مرضى بحاجة إلى مساعدة متخصص، مما يبرز هنا ضرورة وأهمية تدخل الأهل والأصدقاء لمساعدة أحبائهم على "إدراك" أنهم بحاجة إلى تعافي.
اظهار أخبار متعلقة
ولأن الأمر ليس سهلًا، ينصح الدكتور كومراد لضرورة الانتباه لعدة علامات تعتبر تحذيرية دالة على الاصابة باضطراب نفسي، سواء كان فرد في الأسرة أو صديق ، إلخ، وأنه يحتاج إلى "المساعدة" المتخصصة، حتى يمكن دعمه ومساعدته، وهي كالتالي:
- 1- انتهاج سلوك مخيف، مثل مزاج شديد الاضطراب.
- 2- مواجهة مشكلات في الاعتناء بأنفسهم أو تنظيم سلوكهم، مثل تجاهل النظافة الأساسية أو الانخراط في أعمال متهورة أو الشرب والتصرف بعدوانية.
- 3- وجود مشكلات في التفكير، مثل الارتباك أو رؤية أو سماع أشياء لا يفعلها أي شخص آخر أو نسيان حقائق مهمة.
- 4- الشديدة، مثل القلق العميق من مغادرة المنزل، السفر، إلخ.
- 5- مشكلات في التفاعل مع الآخرين، مثل الانسحاب من الأشخاص الذين يحبونهم.
- 6- عدم القدرة على الاستذكار، العمل، مثل عدم الاحتفاظ بوظيفة أو انخفاض الدرجات بشكل ملحوظ.
- 7- معاناة من صدمة، مثل إساءة معاملة طفل أو موته.
- 8- البحث عما يسميه كومراد "تغيير في خط الأساس"، بمعنى أن يتصرف من تحب بشكل مختلف في أي مجال من مجالات حياته، بما في ذلك العمل والمنزل.
هذه خطواتك لاقناع من يهمك بطلب المشورة والمساعدة المتخصصة
يقترح الدكتور كومراد بأن تطلب من الشخص منحك وقتًا للحديث معه عن أمر مهم، واختر وقتًا ومكانًا مناسبين ، واستخدم جمل من مثل :" أنا أحبك وقلق عليك"، وكن مستعدًا لأن ينزعج هذا الشخص على الرغم من هذه المقدمة الرائعة، واتخاذه موقف الدفاع عن النفس، لذا لا تستخدم أبدًا جمل من مثل: "غير طبيعي "، "مجنون"، وتجهز بأن يكون بالفعل لديك المتخصص المحترف، وما عليك سوى الحصول على موافقة الشخص الذي يهمك للتواصل مع الطبيب وحجز موعد وعرض دفع ثمن تذكرة الكشف، باختصار يسر عليه كل السبل للقبول، واذهب وحدك للطبيب إن رفض من تود مساعدته الذهاب واستشر الطبيب لما يتوجب عليك فعله.
ومن جهته ينصح كومراد بضرورة استخدام طريقة "الحب القاسي"، إن رفض هذا الشخص المساعدة، بما لديك من سلطة عليه مثلا إن كنت والدًا، خاصة لو كان هو أحد أفراد أسرتك، ويشكل خطرًا على نفسه أو على شخص آخر أو كان مريضًا جدًا، عندها لابد من اصطحابه بالقوة للمصحة أو الطبيب باستشارة المتخصص للتصرف بشكل سليم بحسب خطورة الموقف، فيما يسمى بـ"استرتيجية الاكراه العلاجي".
اظهار أخبار متعلقة
وأخيرًا يؤكد أستاذ الطب النفسي على أن دعم الأحباء هو مشروع طويل الأمد، بحسب درجة الاضطراب، والمرض، فلابد من صبر جميل، ومتابعة منتظمة، ومراجعة ومراقبة لما تم تنفيذه ومدى التقدم، لافتًا إلى أن التغيرات التي لابد أن تحدث لهذا الشخص قد تستدعي تغيرات منك وفيك أنت أيضًا- من تقدم الدعم والمساعدة- فقد يتم ذلك باكتشاف ضرورة تحسين العلاقة بينكما وتعافيها مثلًا مما يساعد في العلاج، أو تعافيك أنت نفسك من تشوهات لم تكن لتدرك وجودها لولا ما حدث .
الخلاصة،وبحسب د. كومراد، لا تيأس أبدًا ولا تتراجع أو تتردد، إذ لديك الكثير من القوة التي من الواجب استخدامها لمساعدة أحبائك.
اقرأ أيضا:
أصبت بالاكتئاب بعد وفاة أمي وتعالجت لكنني انتكست .. ما العمل؟