مرحبًا بك يا صديقتي..
أشعر بالتعاطف معك، وأقدر معاناتك، وتحملك للإساءات من والد ابنتك.
تعرفين يا صديقتي أن المنح تخرج من بطن المحن، فلعل الله أراد لك وابنتك خيرًا بهذه المحنة.
لابد أن تعرف ابنتك أنها في "ابتلاء"، وهي في مرحلة عمرية يمكنها استيعاب هذا الأمر، فمن الابتلاء ألا تحظى بعلاقة أبوة سوية، مشبعة لاحتياجاتها النفسية والمادية، وأن ما تعيشه حالة استثنائية، فليس هكذا كل الرجال ولا كل الآباء، وأن ثمة مشكلة ما لدى والدها تعوقه عن آداء واجبه كأب، وهي ليست مسئولة عن هذا كله، لكنها مسئولة عن حماية نفسها من آثار أي علاقة غير سوية سواء كانت علاقتها بوالدها أو غيره.
ومع هذا كله، وحتى ترضي الله، لابد أن تبر والدها وتصاحبه في الدنيا معروفًا، والبر ليس الحب، فالله لا يأمر في المشاعر وإنما في الأفعال، والفعل، الذي هو "البر" من الممكن أن نؤديه تجاه من يستحق ومن لا يستحق، من نحبه ومن لا نحبه.
الموازنة يا صديقتي بين جميع ما سبق مهم، فتحاوري مع ابنتك حول هذه المفاهيم والحقائق حتى تتزن في تفكيرها، وتضع مشاعرها جانبًا، ولا تدعها تقود أفعالها.
ومن جهتك أنت، حاولي التواصل مع شخص من عائلة والد ابنتك، متفهم، حكيم، مسموع الكلمة عنده، لكي يحدثه عن ضرورة اصلاح علاقته بابنته، والتركيز على ضرورة اشباعه لاحتياج ابنته من الحنان والعطاء والاهتمام الأبوي، خاصة أنها في مرحلة خطرة كالمراهقة.
أما عنك، فاعتن بنفسك يا صديقتي، وسعي دوائرك وابنتك، وجددي علاقاتك بأشخاص تكون العلاقة معهم، آمنة، صحية، مشبعة للاحتياجات النفسية، سواء كانوا من الأقارب، الأصدقاء، إلخ.
اعيدي اكتشاف ذاتك، والعالم ، والحياة من حولك، فكلما تعافيت أنت نفسيًا أصبحت ابنتك بخير.
في الطلاق يا عزيزتي، يكون الأبناء بخير كلما كانت الأم بخير، فاحرصي على التعافي من آثار الطلاق، والعلاقة الزوجية المؤذية السابقة، وتفاءلي خيرًا بالتحرر، والنجاة من الشرور التي كانت تكتنفك.
ابنتك يا صديقتي ستنضج، وستكبر، وستتعامل بشكل جيد بحسب وعيك، وتوجيهك، وتربيتك، وتعاملك معها، ومساعدتك، ودعمك لها.
امض يا صديقتي في سكة النضج، والنمو النفسي، والتعافي من التجارب المؤذية وآثارها على التفكير والمشاعر، وسيصبح كل شيء على مايرام.
ودمت بكل خير ووعي وسكينة.