مرحبًا بك يا صديقتي..
قلبي معك، وأقدر معاناتك، وألمك، وأتفهم موقفك، هو موقف ليس جديدًا على مجتمعاتنا بالنسبة للمطلقة وبكل أسف.
لا أتفه من ألمك ولا أقلل مما تعانيه، لكننا نشعر بتخفيف في الألم عندما نشعر أننا لسنا وحدنا، وأن معاناتنا تقاسيها الملايين من النساء المطلقات في مجتمعاتنا العربية بشكل عام، لما يحملنه من الوصم بالطلاق.
فالمطلقة تعاني عمومًا من فرض القيود، وإلقاء التهم، واطلاق الأحكام، بل وصبها في قالب وصورة ذهنية قاصرة، ظالمة، هذا هو الشائع وبكل أسف.
وما يزيد الطين بلة، أن يأتيها مثل هذا ممن يتوقع منهم أن يكونوا الدعم، والسند، والحائط الصلب الذي تستند إليه.
لاشك أنك تتعرضين لاساءات نفسية، لا ترقى لمستوى الانسانية، وسوء معاملة، وكأنك مجرمة في سجن.
لن يتغير والدك ولا أخوك ولكن لابد أن تتغيري أنت.
نعم..
فنحن لا نملك تغيي الآخرين ، إن تغيروا بمحض ارادتهم فبها ونعمت وإن لم يحدث فنحن قادرون على تغيير أنفسنا حتى يساعدنا الله:" إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"، لذا فأنت طالبة بذا من أجلك، ومن أجل أولادك.
لابد أن تشعري بالاستحقاق، للحب، وللاحترام، وللحياة، وللاستقلال.
استقلالك المادي مهم يا صديقتي، وهذا سيحتاج منك إلى كفاح، وتخطيط، وموازنة، وصبر، ونفس طويل، وقوة نفسية.
الاستسلام ليس طريقك..
الشعور بالعجز وقلة الحيلة ليس طريقك..
اليأس ليس طريقك..
الفشل ليس طريقك..
الانحناء ليس طريقك..
هذه كلها وأشباهها ليست الطرق التي ينبغي أن تطؤها قدماك.
أنت محتاجة لعقد هدنة مع والدك ليكف أذاه عنك، ربما يكون التجنب، التغافل، وأشباه هذا حلًا مؤقتًا لتعامل هادئ معه، لتتفرغي للمهم، ما هو واجب وقتك الآن.
لا مانع من طلب تدخل من أحد الأقارب الحكماء لكف أذى أخيك، هذه بدايات صغيرة لوضع "حدود"، واظهار الرفض لما يحدث، هذه جبهة لابد أن تهدأ لتتفرغي لجبهة البحث عن عمل مناسب ولو من هوايتك، ما تجيدينه، ما تحبينه، أي شيء ، المهم أن تبدأي في نسج شبكة علاقات من الأصدقاء، المعارف، والبحث في نفسك، لاكتشاف ما يمكنك فعله، ومعاهدة النفس على الصمود والصبر، والنهوض من جديد لو سقطت عشرات المرات، والاعتناء بنفسك، ومسامحتها، ورعايتها، وحبها، وقبولها بكل عيوبها ومميزتها، وتعديل ما ساتطعت من العيوب، لاشيء سوى هذا يا صديقتي.
لا مستحيل..
هذا ليس شعارًا، ولا محض وهم، فقط صدقي في نفسك، وأيقني في مساندة الله لك، وأنه لن يغلب عسر يسرين، وأن البركة مع الحركة لا الاستسلام والسكوت والقعود.
لا تكوني مع القاعدات من المطلقات، الباكيات، الشاكيات، فهذا هو أسهل لطريق لفقد نفسك، والثقة بها، وفقد أطفالك، فكما تكون الأم المطلقة يكون أطفالها، أقوياء، متماسكون، لو أنها هكذا، وضعفاء، مساكين، لو أنها كذلك.
على الانترنت يا صديقتي ستجدين أماكن دعم للمطلقات، عبر مجموعات دعم، وميسرين نفسيين، بعضها مجاني، وبعضها بأسعار رمزية، التحقي بمثل هذا للحصول على تأهيل نفسي لما بعد الطلاق، فالطلاق حتى لو كنت أنت من أردته هو "صدمة"، ومرحلة ما بعد الطلاق، ليست سهلة، خاصة كالتي تمرين بها بدون سند ودعم بل اساءات من أقرب الناس لك وعدم تفهم، أحرى بطلب الدعم النفسي من جهة متخصصة، أمينة، ماهرة، محايدةن وهذه بالبحث والسعي والسؤال ستجدينها وستساعدك كثيرًا على السعي في سكة التعافي، والكبران والنضج النفسي، فالمشكلات الخاصة بمرحلة ما بعد الطلاق في مجتمعاتنا عمومًا كما ذكرت لك تتطلب ألا تكوني وحدك هكذا في مهب الريح العاتية، فتقتلعك وأولادك، لا قدر الله.
هذا ما أراه، ففكري فيه جيدًا، ولا تترددي في البدء في خوض رحلتك، فأنت تستحقين حياة جيدة، سوية، ومن يدري، ربما تقابلين شريكًا آخر أفضل وأنسب، وتبدأين فصلًا جديدًا أفضل، من فصول حياتك، وأنت النسخة الأفضل من نفسك.
استعيني بالله ولا تعجزي، ودمت بكل خير ووعي وسكينة.
اقرأ أيضا:
أهلي يرفضون حبيبي.. ما المشكلة لو تزوجته رغمًا عنهم؟اقرأ أيضا:
كثير النزوات العاطفية ولا أحب زوجتي وباق معها من أجل الأولاد.. ما الحل؟