الصحابي الجليل عبدالله بن سلام كان قبل اعتناقه الإسلام واحدا من أكبر أحبار بني قينقاع وكان ينحدر بحسب روايات دقيقة من نسل سيدنا يوسف عليه الصلاة والسلام وكان يحظي ابن سلام بمكانة كبيرة في بني قينقاع حيث كانوا يصفونه بحبربا وابن حبرنا وعالمنا وابن عالمنا الي ان انقلبوا عليه بعد إسلامه
وعن اعتنلاقه الإسلام قال ابن سلام في قصة رواه الترمذي : لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة انْجَفَلَ النَّاسُ قِبَلَهُ، وَقِيلَ : قد قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَدْ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ، قَدْ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ، ثَلاثًا ، فجِئْتُ في النَّاسِ لأَنْظرَ ، فلمَّا تَبيَّنْتُ وجْههُ عرَفتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ ، فكان أوَّلُ شيْءٍ سمعْتُهُ تَكَلَّمَ بِهِ أَنْ قَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَفْشُوا السَّلامَ ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ ، وَصِلُوا الأَرْحَامَ ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلامٍ .
وفي هذه اللحطة اقترب ابن سلام من الرسول صلي الله عليه وسلم وخاطبه قائلا : إني سائلك عن ثلاث لا يعلمها إلا نبي: ما أول أشراط الساعة؟ وما أول ما يأكل أهل الجنة؟ ومن أين يشبه الولد أباه وأمه؟ فقال : "أخبرني بهنَّ جبريل آنفًا". قال: ذاك عدو اليهود من الملائكة.
الرسول صلي الله عليه وسلم رد علي أسئلة عبدا لله بن سلام قائلا : "أمّا أول أشراط الساعة فنار تخرج من المشرق، فتحشر الناس إلى المغرب. وأما أول ما يأكله أهل الجنة، فزيادة كبد حوت. وأما الشَّبَهُ، فإذا سَبَقَ ماء الرجل نَزَعَ إليه الولد، وإذا سبق ماء المرأة نزع إليها".
أجوبة الرسول كان لها وقع طيب علي قلب الصحابي الجليل حيث رد قائلا : أشهد أنك رسول الله وقال: يا رسول الله، إن اليهود قوم بهت; وإنهم إنْ يعلموا بإسلامي بهتوني، فأرسلْ إليهم، فسَلْهُمْ عنِّي فاستجاب الرسول لطلب ابن سلام وارسل إلي يهود بني قينقاع قائلا :.
: "أي رجل ابن سلام فيكم؟ قالوا: حَبْرُنا وابن حبرنا، وعالمنا وابن عالمنا قال: "أرأيتم إن أسلم، تسلمون؟" قالوا: أعاذه الله من ذلك .
قال: فخرج عبد الله، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله ; وأن محمدًا رسول الله فقالوا: شرُّنا وابن شرِّنا; وجاهلنا وابن جاهلنا
ويعتقد كثير من المفسرين والمتخصصون في علوم القرن أن الآية الكريمة التي تقول : بسم الله الرحمن الرحيم { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآَمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (10) } سورة الأحقاف .
الصحابي الجليل عبدالله بن سلام كان يحظي بمكانة كبيرة لدي الرسول صلي الله عليه وسلم ، حتي قال عنه سيف الدين الذهبي أنه إمام الحَبْر ، ومشهودًا له بالجنة ، وحليف الأنصار ، ومن خواص أصحاب النبي .
بل أن النبي ـ صلي الله عليه وسلم بشر ـ عبد الله بن سلام ـ رضي الله عنه ـ بالجنة، فعن معاذ بن جبل ـ رضي الله عنه ـ قال: " التمِسوا العلم عند أربعة، عند: عويمرٍ أبي الدَّرداءِ، وعند: سلمان الفارسيِّ، وعند: عبد الله بن مسعود، وعند: عبد الله بن سلامٍ الذي كانَ يهوديًّا فأسلم، فإنِّي سمعتُ رسولَ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: إنه عاشِرُ عشرةٍ في الجنة " رواه الترمذي .
وعن خرشة بن الحر قال: ( كنت جالسا في حلقة في مسجد المدينة، وفيها شيخ حسن الهيئة وهو عبد الله بن سلام، فجعل يحدثهم حديثا حسنا، فلما قام قال القوم: من سَّره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا، قال: فقلت والله لأتبعنه فلأعلمن مكان بيته، فتبعته فانطلق حتى كاد أن يخرج من المدينة ثم دخل منزله، فاستأذنت عليه فأذن لي، فقال: ما حاجتك يا ابن أخي؟، قال: فقلت له سمعت القوم يقولون لك لما قمت من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا فأعجبني أن أكون معك،
الصحابي الجليل رد علي خرشة بالقول : الله أعلم بأهل الجنة، وسأحدثك مما قالوا ذاك، إني بينما أنا نائم إذ أتاني رجل فقال لي: قم فأخذ بيدي فانطلقت معه، فإذا أنا بجواد عن شمالي، قال: فأخذت لآخذ فيها، فقال لي: لا تأخذ فيها فإنها طرق أصحاب الشمال، قال: فإذا جواد (طريق) منهج على يميني، فقال لي: خذ هاهنا، فأتى بي جبلا، فقال لي: اصعد، قال: فجعلت إذا أردت أن أصعد خررت على إستي، حتى فعلت ذلك مرارا، قال: ثم انطلق بي حتى أتى بي عمودا رأسه في السماء وأسفله في الأرض، في أعلاه حلقة، فقال لي: اصعد فوق هذا، قلت: كيف أصعد هذا ورأسه في السماء، فأخذ بيدي فزجل ( دفع ) بي، فإذا أنا متعلق بالحلقة، ثم ضرب العمود فخرَّ، وبقيت متعلقا بالحلقة حتى أصبحت ..
ويستكمل الصحابي الجليل روايته قائلا :قال فأتيت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقصصتها عليه، فقال: أما الطرق التي رأيت عن يسارك فهي طرق أصحاب الشمال، وأما الطرق التي رأيتَ عن يمينك فهي طرق أصحاب اليمين، وأما الجبل فهو منزل الشهداء، ولن تناله، وأما العمود فهو عمود الإسلام، وأما العروة فهي عروة الإسلام ولن تزال متمسكا بها حتى تموت ) رواه مسلم
الصحابي الجليل عاش خلال أعوام الرسول الأحد عشر بالمدينة وخلال عهد الخلفاء الراشدين حتي توفي في عهد أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان وقد وصل من العمر 70عاما وقد اختلف المؤرخون حول مكان دفته فمنهم من قال أنه دفن بالمدينة بعد أمضي حياته الدعوة الي الإسلامي وتفنيد جميع الشبهات حوله ومنهم من تحدث عن دفنه في غوطة دمشق الشرقية بالشام