توقير الكبير خلق إسلامي رفيع، حثّ الإسلام ودعا للتخلق به، واعتبره رمانة ميزان المجتمع، فإذا رحم الكبير الصغير ووقر الصغير الكبير كان المجتمع متوازنًا ثابتًا.. ومع بعد المجتماعت كثيرا عن أخلاق الإسلام السامية تتجدد الحاجة لتفعيل هذه الأخلاق والتي منها "توقير الكبير".. هذا الخلق الذي حثَّ الإسلام عليه كما جاء في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس منا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صغيرنا ويوَقِّرْ كبيرنا ويأمُرْ بالمعروفِ وينْهَ عنِ المنكَرِ).. والسؤال كيف نفعل هذا الخلق في مجتمعاتنا؟
مظاهر احترام الكبير وتوقيره، كثيرة ومتعددة منها:
- الاستحياء منه، وهذا معناه أن تترك بعض الأمور التي تفعلها على سبيل التساهل في حضرته واحتراما لوجوده.
- احترام الكبير وتوقيره بأن نقدمه في الأمور كلها في السير في الكلام في الجلوس في الطعام في أخذر رأيه وغير ذلك.
- عدم التقليل من شأن الكبير والاستخفاف به؛ ففي الحديث: (ثلاثٌ لا يستخفُّ بِهِم إلَّا مُنافقٌ: ذو الشَّيبةِ في الإسلامِ وذو العلمِ وإمامٌ مُقسطٌ)، ويكون الاستخفاف بالنظر إليه باستهزاء أو عدم إعطائه قدره أو أن توجه له كلاما غير لائق، كما يكون بإساءة الأدب في حضرته بالقول أو الفعل، كأن ترفع صوتك على غيرك أو تسب غيرك أو تتجاوز في وجوده.
- أيضًا من مظاهر احترام الكبير القيام لقدومه وإجلاسه، فقد روى البخاري والترمذي وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها أنّها قالت: (ما رأيتُ أحدًا أَشْبَهَ سَمْتًا ودَلًّا وهَدْيًا برسولِ اللهِ في قيامِها وقعودِها من فاطمةَ بنتِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قالت وكانت إذا دَخَلَتْ على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قام إليها فقَبَّلَها وأَجْلَسَها في مَجْلِسِهِ وكان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا دخل عليها قامت من مَجْلِسِها فقَبَّلَتْهُ وأَجْلَسَتْهُ في مَجْلِسِها).
- ومن مظاهر احترام الكبير أيضًا عدم محاسبته على كل صغيرة وكبيرة، وتعمد إحراجه خاصة أمام الآخرين، وإذا كان ذلك لكل كبير فهو للوالدين والأقربين من باب أولى.
- تقبيل يد الكبير لا حرج فيه لاسيما الوالدين والعلماء بشرط البعد عن المغالاة وأن يكون بحق لا رياء فيه ولا تزلف.
اقرأ أيضا:
أعظم وصية نبوية..وسيلة سهلة لدخول الجنةدين التكامل:
الإسلام دين التكافل والتراحم، دين يدعو إلى إقامة علاقات اجتماعية ناجحة بين أفراد المجتمع الواحد..
ومن الصفات التي دعا إليها الإسلام لإقامة علاقات ناجحة، احترام الكبير وتوقيره، ولقد ضاعت هذه الصفة لحد كبير وسط حالة من التأخر العام في المنظومة الأخلاقية.
فحسن معاملة الكبار لاسيما كبار السن من شيم الإسلام الرائعة وقد رتب عليه وعد ان كما تدين تدان ففي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا أَكْرَمَ شَابٌّ شَيْخًا لِسِنِّهِ إِلَّا قَيَّضَ اللهُ لَهُ مَنْ يُكْرِمُهُ عِنْدَ سِنِّهِ» رواه الترمذي، أي يجد من يكرمه حين يكبر كما كان يفعل مع كبار السن وهو صغير.
والكبير هنا يشمل الوالدين وإن كان لهما فضل عناية وبر خصهما بها الله، قال الله تعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ۞ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾.
ولقد سبقت تعليمات الرسول النبوية البروتوكولات المستحدثة في الحث على توقير الكبير واحترامه، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيُوَقِّرْ كَبِيرَنَا» رواه الترمذي.
كما أرشدنا النبي المعصوم بإكرام الكبير وإجلاله فهو من إجلال الله؛ فقال: «إِنَّ مِنْ إِجْلَالِ اللهِ إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ، وَحَامِلِ الْقُرْآنِ غَيْرِ الْغَالِي فِيهِ وَالْجَافِي عَنْهُ، وَإِكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ».
وليكون المجتمع متماسكا لابد من العود لهذه السلوكيات الجميلة والصفات الحميدة التي تدعو إلى التآلف والتآخي وتنبذ النزاع والشقاق.
وهذا نبينا الأكرم صلى الله عليه وسلم، يعلمنا كيف نحترم كبيرنا، بل أنه يصل الأمر لحد قوله: «ليس منا من لم يحترم كبيرنا»، انظر للتحذير الشديد، وتعلم كيف لا يمكن لك أن تخسر دينك لمجرد عدم احترامك للكبير.. كما يخبرنا عليه الصلاة والسلام، أن إكرامنا لمن هو أقدمنا سنًا أن ذلك من تعظيمنا لربِّنا وإجلالِنا لِربِّنا، يقول -صلى الله عليه وسلم-: «إنَّ مِن إجلالِ الله إكرامَ ذي الشَّيبةِ من المسلمين، وحامِلِ القرآن غيرِ الغالي فيه والجافي عنه، وذي السلطانِ المقسِط»، فمن إجلال الله أن تكرمَ هؤلاء الثلاثة: ذو الشيبةِ من أهل الإسلام، تكرِمه، ترحَم كِبَره، تخاطبه بخطابٍ ليِّن، تقضي حاجتَه، تعينه على نوائِبِ الدنيا، تعرِف له كِبَره وضعفَ قوّته وعجزه عن التصرُّف، فكلُّ هذه الأمور تكون في فِكرِك، فتعامِل ذا الشّيبةِ المعاملةَ الطيّبة، التي تنمّ عن رحمةٍ وأدَب حسَن. ثانيًا: من كان حامِلاً لكتابِ الله الحمل الشرعيَّ، ليس غاليًا فيه، فإنّ الغاليَ في القرآنِ يخرج به غلوُّه عن المنهَج والطريق السويِّ؛ كما خرج بفرقةِ الخوارج، الذين ساءَ فَهمُهم للقرآن، وقَلَّ وعيُّهم وإدراكهم؛ حتى استحلُّوا دِماءَ المسلمين، كفَّروهم واستحلّوا دماءَهم وأموالهم، والغالي في القرآن تراه متكبِّرًا على غيره، مكفِّرًا لغيره، معتقِدًا ضلالَ غيره بلا فِكرٍ ولا رَأيٍ مُصيب، أو الجافي عنه الذي حمَله فعطَّل العملَ به، ولم يَقُم بحقوقِه، عافانا الله وإيّاكم من ذلك. وذُو السلطان المقسِط العادِل، تكرمه لإمامتِه وقيامِه بشأن رعيَّته.
اقرأ أيضا:
حتى يؤتيك الله من فضله.. عليك بهذه الأمور