عندما راسل النبي صلى الله عليه وسلك الرؤساء والملوك يدعوهم إلى الإسلام، ضنوا بملكهم، ولم يقبلوا الإسلام، حرصا على سلطانهم، لكن كانت الرسائل بمثابة نور لآخرين، جعلها الله سببا في إسلامهم ، ومن هؤلاء:

باذان بن ساسان:

من ولد كسرى المعروف بـ "بهرام جور"، أمّره رسول الله- صلى الله عليه وسلم- على اليمن كلها بعد موت كسرى.
 يقول الثعالبي: هو أول أمير في الإسلام على أهل اليمن، وهو أول من أسلم من ملوك العجم.
وروى ابن أبي الدنيا في كتاب دلائل النبوة عن ابن إسحاق- رحمه الله تعالى- قال: بعث رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عبد الله بن حذافة إلى كسرى بكتابه يدعوه إلى الإسلام.
 فلما قرأه شقّ كتابه، ثم بعث عامله على اليمن باذان أن ابعث إلى هذا الرجل رجلين جَلَدين، فليأتياني به فبعث باذان.

تفاصيل إسلامه:

كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى كسرى مالك فارس: «بسم الله الرحمن الرحيم» من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس، سلام على من اتبع الهدى، وآمن بالله ورسوله، وشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأدعوك بدعاية الله، فإني أنا رسول الله إلى الناس كافة، لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين، فأسلم تسلم، فإن أبيت فإن إثم المجوس عليك.
واختار لحمل هذا الكتاب عبد الله بن حذافة السهمي، فدفعه السهمي إلى عظيم البحرين، ولا ندري هل بعث عظيم البحرين رجلا من رجالاته، أم بعث عبد الله السهمي، وأيا ما كان فلما قرئ الكتاب على كسرى مزقه، وقال في غطرسة: عبد حقير من رعيتي يكتب اسمه قبلي.
ولما بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مزق الله ملكه.
وقد كان كما قال: فقد كتب كسرى إلى باذان عامله على اليمن: ابعث إلى هذا الرجل الذي بالحجاز رجلين عندك جلدين، فليأتياني به.
 فاختار باذان رجلين ممن عنده، وبعثهما بكتاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمره أن ينصرف معه إلى كسرى.

اقرأ أيضا:

أصحاب الحزم والعزم خالفوا أنفسهم حتى في المباح (أعجب الحكايات)

معجزة نبوية:

فلما قدما المدينة، وقابلا النبي صلى الله عليه وسلم قال أحدهما: إن شاهنشاه (ملك الملوك) كسرى قد كتب إلى الملك باذان يأمره أن يبعث إليك من يأتيه بك، وبعثني إليك لتنطلق معي، وقال قولا تهديديا، فأمرهما النبي صلى الله عليه وسلم أن يلاقياه غدا.
وفي ذلك الوقت كانت قد قامت ثورة كبيرة ضد كسرى من داخل بيته بعد أن لاقت جنوده هزيمة منكرة أمام جنود قيصر، فقد قام شيرويه بن كسرى على أبيه فقتله، وأخذ الملك لنفسه.
 وكان ذلك في ليلة الثلاثاء لعشر مضين من جمادى الأولى سنة سبع، وعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر من الوحي، فلما غدوا عليه أخبرهما بذلك: فقالا: هل تدري ما تقول؟ إنا قد نقمنا عليك ما هو أيسر، أفنكتب هذا عنك، ونخبره الملك.
 قال: نعم أخبراه ذلك عني، وقولا له: إن ديني وسلطاني سيبلغ ما بلغ كسرى! وينتهي إلى منتهى الخف والحافر. وقولا له: إن أسلمت أعطيتك ما تحت يدك، وملكتك على قومك من الأبناء.
فخرجا من عنده حتى قدما على باذان فأخبراه الخبر، وبعد قليل جاء كتاب بقتل شيرويه لأبيه، وقال له شيرويه في كتابه: انظر الرجل الذي كان كتب فيه أبي إليك، فلا تهجه حتى يأتيك أمري.
وكان ذلك سببا في إسلام باذان ومن معه من أهل فارس باليمن.
ولما مات باذان أمّر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ولده شهرا على صنعاء وأعمالها.