هل المصارحة والمكاشفة بين الزوجين واجبة وضرورية بشكل مطلق، أم لها حدود, وماهي هذه الحدود إن وجدت؟
وإذا صارحت المرأة زوجها بأسرارها, فكيف تضمن عدم استغلاله لتلك الأسرار خاصة وقت الخلافات أو الانفصال؟
هل تحكي المرأة لزوجها عن خبراتها العاطفية السابقة؟ وهل يحكي هو لها؟
هل تحكي له عن علاقات جنسية في الماضي؟ وهل يفصح هو لها بالمقابل عن مغامراته ونزواته؟
هل تحكي له عن خطوباتها السابقة وإخفاقاتها العاطفية؟ وهل تسرد التفاصيل أم تذكرها إجمالا؟
وإذا أخفت هذه الأشياء فما العمل إذا عرفها هو من طريق آخر؟
هل توجد أسرار لا يصح البوح بها للزوج أو للزوجة مهما كانت العلاقة قريبة وقوية؟
هل تفصح الفتاة لخطيبها أو الزوجة لزوجها عن حالتها الصحية والأمراض التي تعانيها سواء كانت نفسية أو جسدية أو مرض وراثي فيها أو في العائلة؟
إذا كانت للمرأة أخطاء سابقة وبناءا عليها يمارس أحد الأشخاص ابتزازا لها عن طريق امتلاكه لصور أو قرائن تدينها, هل تشتري سكوته بأي ثمن حتى لا يعرف زوجها أم تصارح زوجها ليساعدها في مواجهة هذا الابتزاز؟
هل تحكي المرأة عن تفاصيل زواجها السابق؟
هل تحكي لزوجها عن أسرار وأخطاء طفولتها ومراهقتها وشبابها؟ وهل يحكي هو أيضا؟
هل تحكي له عن أسرار تخص عائلتها، مشاكل بين والديها, أو أشياء تخص إخوتها؟
هل تصارحه ببعض أسرار عملها خاصة إذا كانت تؤثر أو سوف تؤثر على حياتها الزوجية والعائلية؟
هل تحكي له عن تحرشات جنسية تعرضت أو تتعرض لها؟
هل تحكي له عن معجبيها ومن يحاولون الإقتراب منها عاطفيا أو يتغزلون فيها؟
هل تفضفض مع زوجها ببعض أسرار صديقاتها أو تسأله عن حل لبعض مشاكلهن التي تؤرقهن وتؤرقها؟
هل تبوح لزوجها ببعض أسرار عملائها في العمل؟
هل تطلعه على مواردها المالية ومدخراتها؟ وماذا لو طمع فيها أو استغلها؟
هل يطلع الزوج زوجته على موقفه المالي ومشروعاته ورصيده في البنك وديونه وأسرار عمله؟
إذا كان الزوج من النوع الذي يفشي بعض الأسرار لزوجته فهل تمتنع تماما عن مصارحته بأي سر؟
أسئلة حرجة، تدور كلها ببال الأزواج حول الأسرار، والمصارحة بها من عدمه.
يعتقد كثير من الناس أن السعادة الزوجية ﻻتتم إﻻ بالمصارحة الكاملة، والمطلقة، بين الزوجين بحيث يصبح كل طرف كتاب مفتوح بالنسبة للآخر، ويعتقدون أن الثقة بينهما ﻻتكون كاملة إﻻ إذا وصلا إلى هذه الحالة.
ومن المعروف أن من أساسيات السعادة الزوجية التواصل الواضح والصريح، ولكن هناك آراء أخرى مبنية على دراسات علمية وتجارب حياتية تفيد بأن المصارحة المطلقة بكل اﻷسرار قد تشقي الطرف اﻵخر وقد تهدم العلاقة الزوجية. وهناك أزواج عاشوا مع بعضهم سنوات طويلة واحتفظ كل منهم ببعض أسراره، وهذا يعني أن الحياة الزوجية تعتمد كثيرا في نجاحها على التفاعل الجسدي والعقلي والوجداني والروحي، وﻻ تحتاج الإفصاح عن كل اﻷسرار كشرط لنجاحها.
الكهوف المغلقة في حياتنا الشخصية:
وفي حياة الأزواج هناك بعض المناطق التي تعتبر حرما شخصيًا مقدسًا ﻻ يحبون أن يقترب منه أحد، حتى ولو كان شريك الحياة, وهذه المناطق هي محل اﻷسرار شديدة الحساسية والخصوصية ونذكر منها:
1- العلاقات خارج إطار الزواج
سواء كانت عاطفية أم جنسية، في الماضي أو في الحاضر (وإن كانت خطورتها تزداد كلما كانت جنسية وكلما كانت في الحاضر)، وقد تؤذي معرفة هذه العلاقات الطرف اﻵخر، وقد تجعل الطرف المتورط يعيش حياة مزدوجة، ومن هنا قد يقول البعض: ولم ﻻيصارح بها شريكه فربما تكون هذه المصارحة بداية لإصلاح خلل موجود في العلاقة الزوجية؟
والإجابة هنا تتوقف على: كيف نقول، ومتى، وأين، وما التداعيات المتوقعة؟ وهل هناك عوامل استقرار وأمان كافية في العلاقة الزوجية تجعلها تحتمل إفشاء مثل هذا السر؟
2- الخيالات والأحلام العاطفية والجنسية
فكل إنسان يعيش خيالات وأحلام (يقظة ومنام) ، يفعل فيها مايريد، وبالطريقة التي تعجبه، ويعوض فيها ما ينقصه، ويشبع فيها حرماناته ويحقق رغباته، وقد يطلق لنزواته العنان، فهل هذا خيانة للطرف الآخر؟ وهل من حقه أو من حقها معرفة هذه الخيلات والأحلام؟ وهل هذه المعرفة تفيد استمرار العلاقة الزوجية وتقويها أم تضعفها وقد تنهيها؟
3- التحرشات الجنسية التي حدثت في مراحل العمر المختلفة خاصة إذا كانت قد صدرت من أحد المعارف أو الأصدقاء أو الأقارب, أو ممن هم مازالوا موجودين في محيط العائلة.
4- ممارسة العادة السرية
حيث يظل بعض الأزواج (والزوجات) يمارسون تلك العادة حتى بعد الزواج, بل وقد يجدها بعضهم أكثر إمتاعا من العلاقة الزوجية.
5- مشاهدة الأفلام الجنسية على الإنترنت أو على القنوات الفضائية
وهذه أزمة عصرية كبيرة إذ كثيرا ماتكتشف الزوجة أن زوجها يقضي أوقاتا طويلة يشاهد تلك الأفلام خلسة, وهنا تهتز صورته في عينيها وتتدهور العلاقة الزوجية. وبعض الأزواج لديهم حالة إدمان مشاهدة تلك المواقع, فهل ياترى يفيد أن يخبر زوجته؟ وهل ستقبل هذا الأمر وتساعده؟ أم تستغل ذلك ضده في أي مواجهة عائلية؟
6- الضعف أو البرود الجنسي
فبعض الرجال يعانون ضعفا جنسيًا مؤقتًا أو مزمنًا ويتعاطون المنشطات الجنسية سرًا حتى لا تهتز صورتهم أمام زوجاتهم , وأيضا بعض النساء لديهن عدم رغبة في العلاقة الجنسية, أو حتى برود جنسي ولكنهن يمارسنها كأداء واجب (زوجي أو شرعي) وربما يتظاهرن بالإستجابة والإستمتاع إرضاءا للطرف الآخر، فهل هذا مقبول أن يبقى سرًا وتسير الأمور كما هي, أم أن المصلحة الإفصاح عنه طلبا للمساعدة في إيجاد حلول حقيقية؟
7- التصرفات السيئة في الماضي
فلا شك أن كثيرين قد تورطوا في فترات الطفولة والمراهقة وبواكير الشباب في أعمال منافية للأخلاق أو خارجة عن القانون أو مخالفة للعادات والتقاليد، فإذا كان الشخص قد تجاوزها, ولم يعد لها تأثير على حاضره فلم يذكرها الآن؟، البعض يقول: إننا نخاف أن يعرفها عنا الشريك من مصدر آخر.
والإجابة: حتى لو عرفها الشريك فلا ضير من الاعتراف بأن ذلك كان في فترة جهل الطفولة واندفاع المراهقة والشباب, وأننا تجاوزنا كل ذلك مع النضج النفسي والإجتماعي، ولا يصح أن تبقى هذه الأشياء سيفًا مسلطًا على رقابنا طول العمر, وحتى لو بقي من هذه الأشياء أدلة مادية تديننا فلا يجب أن نخضع لابتزاز من يملك تلك الأدلة, وعلينا أن نعلن شجاعتنا في المواجهة مستندين إلى عناصر قوة حالية لدينا.
8- الموقف المالي والديون
ربما لا يود بعض الأزواج إطلاع زوجاتهم على أحوالهم المادية ومدخراتهم ومشروعاتهم أو ديونهم وتعثراتهم. وهنا تشعر الزوجة بأن زوجها لا يثق فيها أو أنه لا يشعر بالأمان معها, أو أنه يخفي ذلك لأن له حياة أخرى لا تعلمها.
9- الأمراض, خاصة الوراثية منها
ويخفيها الناس خوفا من قلق وهجر الطرف الآخر, ولكنها إن كانت أمراضا خطيرة أو مؤثرة في الحياة الزوجية يجب الإفصاح عنها حتى لا يكون هذا تدليسا على الزوج أو الزوجة وحتى يستعد الطرف الآخر لمواجهة وتحمل تطورات المرض ومضاعفاته.
10- اضطرابات الأكل : فكثير ممن لديهم (أو لديهن) شراهة في الطعام يفعلون ذلك سرا خوفا من لوم ونقد الطرف الآخر.
11- أسرار عائلة المنشأ لكلا الزوجين خاصة إذا كان فيها مايشين.
نسبة ما يقال ومالايقال من الأسرار
أجريت دراسة علمية في ألمانيا على مجموعة من النساء لمعرفة نسبة الأسرار التي يفصحن عنها ، وتلك التي يحتفظن بها فوجد أن هناك 10% من الأسرار تحتفظ بها المرأة بشكل مطلق ولا تبوح بها لأحد مهما كان, بينما تستطيع أن تبوح ب 60% من أسرارها لزوجها أو أمها أو أختها أو صديقتها القريبة. وقد تختلف هذه النسب من امرأة لأخرى , وتختلف بالطبع بين الرجال والنساء, فالنساء أكثر إفصاحا ولذلك قيل "إن السر سم في فم المرأة لو ابتلعته قتلها", ولكن النتيجة النهائية هي أن ثمة أشياء تقال وأشياء أخرى لا تقال, وهنا يأتي السؤال:
لماذا يحتفظ الزوجين ببعض أسرارهما؟
ربما لأحد أو بعض أو كل الأسباب التالية:
1– الخوف على صورة الذات لدى الطرف الآخر.
2– الخوف من الرفض والنبذ والتحقير وعدم القبول وربما الهجر.
3– الخوف من المعايرة والاستغلال والابتزاز.
4– الخوف من إفشاء هذا السر لآخرين.
5– الخوف من إحداث ألم أو صدمة للشريك.
6– الخوف من أن يزرع هذا السر المعلن بذرة شك في نفس الطرف الآخر لا يستطيع الخلاص منها خاصة إذا كان هذا الطرف يتسم بالغيرة الشديدة.
7– الخوف من اضطراب الحياة الزوجية أو حتى انتهائها بعد إفشاء هذا السر.
جهازنا النفسي يخفي بعض أسرارنا عنا، فلماذا لا نخفي نحن بعض أسرارنا عن الناس؟!
لانتعجب إن قال البعض أنا أخفي بعض أسراري حتى عن أقرب الناس لي, فجهازنا النفسي يفعل ذلك حتى معنا, وذلك عن طريق عملية الكبت, وفيها يتم الدفع بذكرى الحدث أو الفعل بعيدا عن وعينا حيث يغيب في منطقة اللاشعور لأن تذكره يؤلمنا ويحدث لنا اضطرابا أو إحساسا بالخجل أو العار.
وعملية الكبت حين تكون في حدودها المعقولة تعتبر عملية دفاع نفسي طبيعي, أما حين تتجاوز الحدود وتتوحش بحيث تحجب عنا حقيقة ذواتنا فإنها تصبح حالة مرضية. وهذا يؤكد فكرة التوازن بين الإفصاح وعدم الإفصاح عن أسرارنا في حال تعاملنا مع الأشخاص المقربين لنا, إذ هم ليسوا أقرب لنا من أنفسنا.
بين الستر والتستر
فالستر يعني وقوعنا في أخطاء بقصد أو بغير قصد، ثم انتباهنا لذلك، وإنكاره، وإيقافه، أو مقاومته، وهنا لا حاجة لنا بأن نضيف عبء الفضيحة، على عبء الخطأ الذي نتألم له ونشعر بالذنب تجاهه، ما دمنا نعمل بصدق بيننا وبين أنفسنا، وبيننا وبين ربنا لتجاوز ذلك الخطأ خاصة إذا كان كشفه يؤدي إلى ضرر أكبر. ومع هذا فإذا وجدنا أنفسنا نعاود الخطأ مرة بعد مرة دونما توقف حقيقي مستفيدين من حالة الستر والسرية، هنا يجب أن نراجع الموقف، فقد يكون الإعتراف لأحد يشكل عامل مساعدة ضروري لتصحيح الموقف خاصة إذا كان شريكًا لنا في الحياة.
أما التستر فهو تعمد فعل الأشياء المرفوضة أخلاقيًا وتعمد إخفاءها طول الوقت بهدف الإستمرار الآمن في ممارستها، وهذا شئ سلبي للغاية لأن فيه إصرار على الإستمرار في الخطأ مع خداع الآخرين بصورة كاذبة نظهرها لهم, وهو يشكل حالة من الإزدواجية في السلوك.
هل للإفصاح عن السر فوائد؟
1– الإفصاح عن السر قد يعطي راحة للطرف الذي أفصح به، خاصة إذا كان هذا السر يشكل عبئًا نفسيًا شديدًا عليه ويشعره بالذنب طول الوقت.
2– الإفصاح يعطي الإحساس بالثقة والرباط القوي بين الزوجين.
3– وقد يحمي الطرف الذي أفصح من شعور مزمن بالخجل أو العار أو الخوف من معرفة هذا السر من طرف آخر.
4– وقد يحميه من ابتزاز شخص آخر يساومه على هذا السر.
5– وقد يكون الإفصاح هو البداية للتوقف عن سلوك سلبي لم ننجح في إيقافه، وهو في طي الكتمان.
هل كتمان بعض الأسرار يعتبر نوع من الكذب أو التدليس؟
نعم، فإخفاء الحقيقة أو جزء منها يعتبر نوع من الكذب بالحذف ( Lying by omission ) ، وهو لا يقل خطورة عن الكذب بالإضافة ( Lying by commission ) ، وقد تكون معرفة هذا السر مهمة للطرف الآخر في تحديد مواقفه، أو اتخاذ قراراته، فمثلا الزوجة التي تخفي عن زوجها انحرافات بنتها أو ابنها هي تمارس عملية تغطية وتعتيم على مشكلات تربوية تحتاج من الأب لفعل شئ ما، كما أن المبالغة في إخفاء الأسرار يجعل الزوج يعيش في عالم وهمي ويعيش في الظلام ولا يعرف الكثير عن أقرب مخلوق له وهو زوجته (ونفس الحال بالنسبة للزوجة).
متى وكيف نفصح عن السر؟
أولا: هناك قواعد مهمة للإفصاح أو عدم الإفصاح عن الأسرار. وأهم شيء في هذه القواعد هو الإجابة عن الأسئلة التالية:
لماذا أفصح أو لا أفصح؟ ولمن؟ ومتى؟ وكيف؟ وماذا بعد الإفصاح؟
فإذا استطعت أن تجيب عن هذه الأسئلة بوضوح فأنت على الطريق الصحيح للتعامل مع الأسرار، والإفصاح عن السر ليس فعلًا منقطعًا عما قبله وما بعده، بل هو يتم في سياق يسبقه أشياء تمهد له، ويتبعه أشياء تستوعب تداعياته سلبًا وإيجابًا، بمعنى أنه لا يصح أن نرمي السر هكذا ، دون تمهيد قبله، ودون متابعة بعده.
ثانيا: هناك بعض التوصيات في طريقة الإفصاح:
1- إذا كان السر خطيرًا أو يتوقع أن تكون له تداعيات صعبة، فيجب مناقشته أولًا مع معالج أو مستشار نفسي حتى توضع خطة مناسبة للإفصاح ولمواجهة التداعيات.
2- معرفة ما يجب أن نفصح عنه، وما يجب أن نحتفظ به، فقد نعلن عن شيء إجمالًا ولكن نحتفظ بالتفاصيل قدر الإمكان، لأنها قد تؤذي الطرف الآخر، وكمثال على ذلك لو أن امرأة كانت متزوجة من شخص آخر أو مخطوبة، فهي تعلن عن ذلك لزوجها، ولكن لا تذكر تفاصيل حياتها مع الزوج أو الخطيب السابق.
3- محاولة توقع استجابة الطرف الآخر بناءا على معرفتنا بشخصيته وردود أفعاله, وأن نكون جاهزين للتعامل مع استجابته.
4- أن نختار الوقت والظرف والحالة المناسبة لنا، وللطرف الآخر, فلا يجوز أن يكون الإفصاح عند الذهاب للنوم، أو عند الرجوع من العمل، أو عند الوقوع تحت ضغوط نفسية، أو عند الإصابة بمرض جسدي أو نفسي.
5- يجب أن نختار المكان الآمن, فربما أدى الإفصاح عن السر إلى صدور انفعالات خطرة من الطرف الآخر.
6- علينا أن نكون مستعدين للإجابة عن تساؤلات واستفسارات يطرحها الطرف الآخر، دون أن نتورط في الدخول في تفاصيل، تزيد الأمور تعقيدًا، وقد نعتذر عن تلك التفاصيل إذا كانت تختص بأشخاص آخرين لا نود ولا يجوز إفشاء أسرارهم دون إذنهم، وهذا يكون اعتذارًا منطقيًا عن بعض التفاصيل.
7- يستحسن أن نتفق على وقت الإفصاح وعلى مكانه مسبقا حتى يكون الطرفان مهيئان للموقف, وأن لا يكون الإفصاح مفاجئًا.
الإفصاح عن الذات فن مزدوج لدى الطرفين
فالطرف المفصح عن أسراره يختار بدقة الوقت المناسب والموضوع المناسب بالقدر المناسب وبطريقة جيدة تؤدي إلى راحة النفس وتقوية العلاقة والثقة بالطرف الآخر. والطرف المستقبل يحتاج لمهارة الإنصات الإيجابي وأن لا يقاطع حتى ينتهي محدثه تماما ولا يعطي إشارات مبكرة تقطع الاسترسال أو التواصل, ويحتاج للقدرة على التقبل والتفهم والتسامح, ويحتاج لقراءة اللغة اللفظية وغير اللفظية للطرف المفصح, وأن تكون استجاباته إيجابية وبناءة وعلى قدر المسئولية ونبل الأخلاق .
ماذا نتوقع بعد الإفصاح؟
بالنسبة للطرف الذي أفصح فإنه يمر بخبرة النوحGrieving , حيث تكون هناك حالة من خدل المشاعر تليها حالة من الغضب والحزن والإحباط، أما الطرف الآخر فقد يشعر أنه أفضل، وأن الأمور أصبحت مكشوفة أمامه، وإذا كان من النمط النبيل في البشر، فإنه يقدر صراحة شريكه وأمانته ويحاول مساعدته، أما إن كان غير ذلك فقد يستخدم ذلك السر في التعالي، أو الضغط، أو المعايرة، أو الابتزاز، وهذه الإحتمالات السلبية قد تدفع الطرف المفصح إلى الشعور بالحنق على شريكه والندم على الإفصاح.
ويتوقع أن تحدث تقلبات مزاجية وإحساس بالضيق والتعب، ولكن إذا شعر الطرف المفصح باضطرابات شديدة في النوم أو الأكل أو أداء وظائفه الأساسية لمدة تزيد عن أسبوعين فعليه مراجعة طبيب نفسي.
ولكي لا يدخل الطرف المفصح في احتمالات مرضية سلبية، عليه أن يكون هو نفسه بعد الإفصاح، وأن يشعر بالأصالة والصدق، وأنه الآن أصبح أقرب إلى ذاته، وإلى الناس، وإلى الله، وأنه الآن في طريقه للتعافي الصادق من الأثر السلبي للسر.
لمن نفصح؟
نحن نقلق من الإفصاح عن كثير من أسرارنا نظرا لخوفنا أن تتغير صورتنا في عيون الآخرين، وأن نفقد بالتالي حبهم، وبمراجعة العديد من الدراسات النفسية اتضح الآتي:
1– الأشخاص الذين يفصحون عن أسرار عميقة محبوبين أكثر من الذين لا يقدرون على الإفصاح.
2– والناس يفصحون بأسرارهم لمن يحبون غالبا.
3– وهم يفضلون من أفصحوا لهم بأسرارهم.
مسئولية وواجبات من يتم الإفصاح له عن سر
1- أن لا يفشي هذا السر أبدا تحت أي ظروف دون استئذان صاحبه أو صاحبته.
2- أن لا يستخدم هذا السر لمعايرة أو إذلال أو تحقير أو لوم أو ابتزاز الطرف الآخر.
3- أن ينصت جيدا ويتفهم جيدا, فالناس يحبون ليس فقط من يسمعهم ولكن من يفهمهم ويتعاطف معهم.
4- أن تكون استجاباته لما تم الإفصاح عنه مسئولة وناضجة وبنّاءة وداعمة للطرف الذي وثق فيه واستودعه سره.
وأخيرا فالسر أمانة في داخلنا لا ينطلق إلى الخارج إلا إن كان يحقق نتائج إيجابية لنا وللآخرين, وحين نطلقه لابد وأن نعرف متى وكيف واين ولمن؟ فهو حين ينطلق من أفواهنا لا نملك رده أو التحكم فيه.
د.محمد المهدياقرأ أيضا:
عزيزي العنيد أنت في خطر!اقرأ أيضا:
أحب زوجي بشدة وأخبرني أن يعيش معي من أجل الأولاد.. أنا منهارة.. ما الحل؟