منح ربانية عديدة خصها بها الله تعالي رسوله الكريم صلي الله عليه وسلم منذ ابتعثه الله بالرسالة ولكن حادث الإسراء والمعراج كان دليلا لا يقبل الشك ومكانة عالية لم يحظ بها نبي مرسل ولا ملك مقرب بل وكان هذا الحادث تأكيدا علي علو مقام النبي وارتفاع مكانته بين جميع الأنبياء لدرجة أن الرسول صلي الله عليه وسلم قابل في هذه الرحلة الأنبياء جميعا أمهم في الصلاة
وليس هناك دليل علي مكانة النبي صلي الله عليه وسلم وخصوصيته بحادث الإسراء والمعراج أن النبي محمد صلي الله عليه وسلم كان النبي الوحيد الذي اسري به وعرج به بروحه وجسده معا في أمر اختص به دون الأنبياء الذي أسري ببعضهم وعرج بهم بالروح فقط دون الجسد أضف إلي ذلك أن هذا الحادث كان تأكيد علي عالمية الدعوة الإسلامية.
وكذلك تكرر الأمر في رحلة حلة المعراج والتي تعد إعجازا فريد خص الله سبحانه به سيد الخلق سيدنا محمد رسول الله صلي الله عليه وسلم دون غيره من الخلائق.ففي لحظة لطيفة خاطفة صعد من المسجد الأقصى إلى السماوات العلا , ومنها إلى سدرة المنتهى وهو ما يعد كشفا كليا للغيب , وخروجا كاملا عن قوانين الأرض , وتجاوزا لا تستطيع بلوغه حواس الإنسان ومداركه.
وبحسب منشور للدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ومفتي الجمهورية السابق فإن أهم ملامح هذه المعجزة الكبرى أنها أخذت بيد النبي عليه الصلاة والسلام ليتجاوز عوالم الكون ومحددات الوجود , وهي عوالم الزمان والمكان والأشخاص والأحوال.
بل أن النبي صلي اله عليه وسلم قد تجاوز في هذه الرحلة عالم الزمان فقد سبق القول ببيان كيف طوى الله عز وجل لنبينا صلي الله عليه وسلم الزمان بما لا تبلغه العقول ولا تستوعبه الأفهام إلا إذا أدركت تلك العقول نفحات من الإيمان.
الأمر عينه تكرر بحسب جمعة فيما يتعلق بعالم المكان فإنه الرسول تجاوز كل مكان وصله مخلوق , من نبي مقرب أو ملك مرسل , حيث تجاوز السماوات السبع إلى سدرة المنتهى , إلى حيث شاء الله عز وجل بما لا عين رأت , ولا أذن سمعت , ولا خطر على قلب بشر.
ومن "ابرز معجزات هذه الرحلة كذلك أن النبي تجاوز أيضا عالم الأشخاص مع ما لهم من الحب والكرامة عند الله سبحانه , سواء أكانوا أنبياء أم مرسلين أو ملائكة مقربين , بداية من آدم في السماء الأولى مرورا بعيسى وموسى من أولي العزم حتى أبي الأنبياء خليل الرحمن إبراهيم ,
نبينا العظيم تجاوز خلال رحلة المعراج في في واحدة من دلائل المعجزة الأمين جبريل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين , فقال له نبينا صلي الله عليه وسلم : أفي هذا المكان يفارق الخليل خليله؟ , فأشار جبريل إلى قوله تعالى: "وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ"، وبخصوص عالم الأحوال فقد فاق رسول الرحمة صلي الله عليه وسلم كل المقامات وبلغ أعلى الرتب والدرجات .
اقرأ أيضا:
كيف تخلق في نفسك الرغبة في النجاح؟ نماذج محمدية تدلك على التفوقهذه الرحلة المباركة تجاوز فيها الرسول صلي الله عليه وسلم مراتب المرسلين, ومر على أحوال الملائكة المقربين الذين وصفهم الله بقوله: "يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ"، وقال النبي عن السماوات: "ما فيها موضع شبر إلا وعليه ملك ساجد أو قائم"
. وخلال الرحلة لم يتحمل أمين الوحي جبريل أنوار جلال الله تعالى , فترك رسول الله يدخل على تلك الأنوار وحده , ويتلقى الوحي والعلم والفضل من الله عز وجل دون واسطة جبريل , ليفضل الجميع بما تلقاه في تلك الحال , ويتحقق تفرده كما قال سبحانه: "وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا".
معجزات الرسول خلال هذه الرحلة ظهرت بشكل واضح في قوله تعالى: "وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعْلَى * ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى * مَا كَذَبَ الفُؤَادُ مَا رَأَى * أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى * وَلَقَدْ رَآَهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ المُنْتَهَى * عِنْدَهَا جَنَّةُ المَأْوَى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى * مَا زَاغَ البَصَرُ وَمَا طَغَى * لَقَدْ رَأَى مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِ الكُبْرَى".
لعل أهمية رحلة المعراج أنها مثلت تجاوزا وخروجا علي عن قوانين البشر وغيرهم في الحياة الدنيا , لتكون مثالًا ناصعًا وحجة واضحة لالتقاء عالم الغيب وعالم الشهادة , إظهارًا لقدرة الله تعالى ولفضل النبي محمد أرسله الله لهداية البشرية كاملة وبل وكان رحمة للعالمين في الوقت الذي أرسل الله كل نبي لقومه كان سيدنا محمد مرسلا لجميع البشر في مشاركة الأرض ومغاربها في تأكيد علي عالمية الدعوة الإسلامية .