كثير من الناس للأسف تراه يستبطأ الرزق، بل أنه بعض الناس قد يحزن حزنًا شديدًا لأنه سأل الله عز وجل مسألة، وتأخرت الإجابة، ومنهم من يقنط من رحمة الله وليعاذ بالله، ومنهم من تراه يغضب، ويحدث نفسه بأن الله يغضب عليه، ولا يمنح هذا أو ذاك نفسه فرصة بأن يعي جيدًا بأن الله قدر الرزق لكل عبد، ولن يموت أبدًا عبد ما إلا بعد أن ينال كل رزقه مهما كان، وفي كل مكان، فعن حذيفة قال : قام النبي صلى الله عليه وسلم، فدعا الناس ، فقال : « هلموا إلي » . فأقبلوا إليه ، فجلسوا فقال : « هذا رسول رب العالمين جبريل صلى الله عليه وسلم، نفث في روعي أنه لا تموت نفس حتى تستكمل رزقها ، وإن أبطأ عليها ، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ، ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن تأخذوه بمعصية الله تعالى ، فإن الله لا ينال ما عنده إلا بطاعته».
استعجال الحلال بالحرام
هناك أيضًا للأسف من يستعجل الرزق الحلال، بأن يلجأ إلى الحرام، والكارثة التي يقع فيها هؤلاء أنهم ينسون أن الله هو الرزاق ذو القوة المتين، وأنه سبحانه يقدر لعباده الرزق حيث يشاء، وقدر لكل مخلوق حقه من الرزق، فلا يموت وإلا وحصل على ما قدر له، بينما هو سبحانه بالأساس لم يخلق العبد ليشغله بطلب الرزق، وإنما فقط عليه السعي، وعلى الله الرزق، قال تعالى: «وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ » (الذاريات: 56 - 58).. لذا حينما سأل الإمام الحسن البصري عن سر زهده في الدنيا: فقال قولته الشهيرة: «علمت أن رزقي لا يأخذه غيري فاطمأن قلبي».
اقرأ أيضا:
كيف تخلق في نفسك الرغبة في النجاح؟ نماذج محمدية تدلك على التفوققسمة المال
من قال إن من يعطيه الله المال، فهو يحبه، هذه مقولة خاطئة مئة بالمئة، فهذا قارون أعطاه الله المال ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولى القوة، وهو لا يحبه، بل خسف به وبداره الأرض فيما بعد، بينما الأساس أن يمتحن الله الناس، قال تعالى يوضح ذلك: «وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ » (القصص: 77)، بينما أعطى الله المال لسيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه، وهو يحبه، حيث أنفق على جيش العسرة، وقال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، في حقه: «ما ضر عثمان ما عمل بعد هذا اليوم»، وأعطى الملك لفرعون وهو لا يحبه، وأعطاه لسليمان وهو يحبه، إذن الملك ليس مقياساً، والمال ليس مقياساً، وإنما هو فتنة يبتلي به عباده فيما ينفقونه، خيرًا أم شرًا؟.