يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: «نبِّئ عبادِي أنّي أنا الغَفُورُ الرَّحيمُ وأنَّ عَذَابِي هُوَ العَذَابُ الألِيمُ»، انظر للتضاد الجميل، فهو الله الغفور، وهو أيضًا عذابه ألم، ولو تتبعنا القرآن الكريم سنجد العديد من التضاد هذا، لكنه يقول أيضًا سبحانه وتعالى: «وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ».
في آية أخرى: «فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ۚ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ».. هنا علينا أن نتوقف قليلا، لماذا لم يستخدم التضاد، ويقول في آية منهم إنه (بعيد)، لأنه أبدًا ولا يمكن أن يكون الله عنك ببعيد.. لكنك تدعوه فلما تتأخر الاستجابة، تصرخ (وتولول)، ظنًا منك والعياذ بالله بأن الله بعيد، وإنما هو فقط يستجيب ويشعرك بالإجابة في الوقت المناسب الذي يراه هو ولا تعلمه أنت.
ربط الإجابة بالقرب
في الآيتين السابقتين، ترى العجب العجاب، ترى الله عز وجل يربط دائمًا بين القرب والإجابة، فكيف برب بهذا الحنان والرحمة على عباده، أن يكون بعيدًا؟!.. وحاشا لله أن يكون بعيدًا.. بينما البعد يتصف به الإنسان، فهو يبتعد ويبتعد عن طريق الله عز وجل، ثم ما أن يفكر مجرد التفكير في العودة والتوبة إلى طريق الله، تجد الله في انتظاره، فعن سيدنا أنس ابن مالك رضي الله عنه، عن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، فيما يرويه عن ربه قال: «إذا تقرب العبد إلي شبرا تقربت إليه ذراعا، وإذا تقرب إلي ذراعا تقربت منه باعا، وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة».. انظر إلى المعنى العظيم في هذا الحديث الشريف، الله بذاته وقدرته وقوته، يفرح لتوبة العبد حتى أنه يتقرب إليك بأكثر مما تتقرب إليه، وهو الذي لا يحتاجك في شيء، فكيف بهذا الإله العظيم أن يكون بعيدًا؟!.. وحاشى به سبحانه أن يكون كذلك.
اقرأ أيضا:
كيف تخلق في نفسك الرغبة في النجاح؟ نماذج محمدية تدلك على التفوقالله أرحم بك من أمك
فالله عز وجل أرحم بعباده من أمك التي حمتلك وولدتك، ومن الدنيا كلها عليك، لكنك فقط قد تيأس نوعًا ما من أخر استجابة دعاء ما، وتتصور أنها نهاية الكون، وأن الله وحاشى به ذلك، لن يستجيب لك، لكن انظر لعيب فيك، أو شحناء وقعت بها، هي السبب في تأخر الإجابة، لكن الله أبدًا وحاشى به ذلك، أن يؤخر لك دعوة إلا لسبب، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم قال: «ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها، قالوا: إذاً نكثر، قال: الله أكثر».