مرحبًا بك يا عزيزتي ..
لا أستطيع القول أن طلباتك هذه ليست مقبولة أو مرفوضة بل هي حقوقك.
فمن حقك وقد بلغت هذا العمر أن تكوني مستقلة نفسيًا في المقام الأول، ولك رأيك، وشخصيتك، ووضعك، ومالك الخاص، والاحترام لهذا كله وتقديره وعدم بخسك حقك فيه.
وبنظرة أعمق لحالتك النفسية وحالة أهلك يا عزيزتي يمكنني تفهم رغبتك في الاستقلالية، والانطلاق، والتجريب، وعيش الحياة، وتفهم حب أهلك لك وخوفهم عليك ورغبتهم في الاطمئنان عليك "بطريقتهم".
لذا، لابد من تقريب هذه المسافات بينكم.
ليس من الحكمة أن تفسدي علاقتك بأهلك، أو تخسريها، فهناك فارق كبير بين الإستقلال والإستغناء، وليس من المنطقي أن تتخلي عن حقوقك ولا أحلامك ورغباتك وكلها مشروعة.
إذا، تقريب المسافات، والموازنة بين هذا وذاك، يقتضي أن تطمئني أهلك عليك، فلو اطمئنوا لقراراتك، وتصرفاتك، وطريقة تفكيرك، ولو تزامن مع هذا عقد صداقة معهم، فسيسمحوا لك بما تريدين، تدريجيًا، وعلى أقل تقدير السفر داخل البلاد في رحلة مثلًا أو أي سفرة مع صديقات أو أقارب ، إلخ.
تأكدي يا عزيزتي أن أهلك يفكرون في عواقب قراراتك، مدى أمنك في هذا السكن المستقل الخاص، مدى قدرتك على الوفاء باحتياجاتك، دافعهم الحب، لا أكثر ولا أقل ، فهم لا يريدون تعمد سجنك، أو أذيتك بهذا الرفض، كل ما في الأمر أنهم يفكرون بواقعية وبمعرفة لحقيقة الحياة، ومتاعبها، وصعوباتها بينما أنت تري وجهها المشرق، النابض، المنطلق فقط أو بنسبة أعلى من درجة تفكير أهلك التي هي غالبًا على العكس منك، فدرجة الخوف عليك ستكون أعلى من درجة رغبتهم في انطلاقك وعيشك للتجربة.
من الحكمة أن تحاولي تغيير طريقة تفكيرك في استقلاليتك، فلم لا تفكرين في طرقًا توصلك لهذا وأنت في هذا السكن معهم؟! لم لا تفكرين في طرقًا أفضل للتواصل معهم تكسبين بها ودهم، ومن ثم احترامهم، وتقديرهم، وتفهمهم لكل رغباتك المشروعة هذه، ومساعدتك على تحقيقها؟!
جربي..
جربي هذا كله أولًا يا عزيزتي، ولا تيأسي، ودمت بكل خير ووعي وسكينة.