مرحبًا بك يا عزيزتي..
قلبي معك..
فأنا أشعر بألمك وأتفهمه، فالأم والأب لهما مكانة مقدسة في قلوب أبنائهم، وعلاقتهم بهم ليست كبقية العلاقات، ومن خيوط هذه العلاقة ينسجون علاقتهم بذواتهم والحياة وعلاقاتهم مع الآخرين من حولهم.
وأنت تعرضت لفقد الأب والحياة الأسرية، بالطلاق، ثم الالتصاق بالأم ما بعد الطلاق وربما الشعور بأنها أصبحت الأم والأب وكل شيء لك في الحياة، ثم ما لبثت أن تعرضت لمشاعر الفقد مرة أخرى بزواج والدتك ولذا لم ترضين به، إذ أن معناه قاسي بالنسبة لمشاعرك، فهذا الرجل بالتأكيد سيأخذ منك والدتك، وحياتك معها.
لم أعرف تفاصيل علاقتك بوالدتك بعد الطلاق، ولا علاقتك بوالدك فأنت لم تذكري أي شيء عنه على الإطلاق، ولا إن كان لك إخوات أم لا، أقارب، خالات، عمات، إلخ، وهذه التفاصيل مهمة لأنها تبين زوايا وأبعاد في المشكلة من الممكن أن تستحضر من خلالها الحلول.
لا أعرف أيضًا كيف تنظرين إلى زوج والدتك، وما الذي لا يعجبك في شخصيته، أو تعامله معك، أم أن الفكرة نفسها مرفوضة لديك ولو كان هذا الرجل أطيب الرجال وأكثرهم احترامًا وخلقًا وحنانًا معك ووالدتك.
على أية حال، يمكنني أن أدافع عن حب والدتك لك، وأن زواجها لا يعني أنها خانت علاقتها معك، أو نسيتك، أو تكرهك، أو تود إيذاءك أو أنها أنانية، إلخ ما قد يتبادر إلى الأذهان عادة عندما تتزوج الأم المطلقة من لديها أبناء، فوالدتك "إنسان"، وكما أنها تقوم بدور الأم، فهي أنثى لديها مشاعر الأنثى واحتياجاتها النفسية والعاطفية، تمامًا كما أنها ابنة أيضًا لجدتك وجدك، وأخت لخالتك وخالك، أدوار متعددة ولكل دور مكانته، وطبيعته، وأهميته التي تختلف من آن لآخر ومن دور لآخر، ولا يلغي دور آخر، وأنت ستصبحين في مستقبل أيامك أيضًا هكذا، ابنة وزوجة وأم إلخ، وستودين حينها من والدتك أن تقدر هذا وتتفهمه، ولا تعتبر زواجك ولا انشغالك بأطفالك عنها، اهمالًا لها، وهذا ما هو مطلوب منك اليوم، التفهم لوالدتك ولاحتياجاتها وظروفها وانسانيتها وأدوارها.
أتفهم رفضك لزواج والدتك، وأقدر مشاعرك، وأؤكد على هذا كله، ولكنه لا يمنع من تغيير طريقة التفكير يا عزيزتي، من جديد، وفق ما سبق، وتصحيح ما يجب تصحيحه، فهذا يدل على مرونتك، ورجاحة عقلك، ونضجك النفسي، وتفهمك لنفسك، وللواقع.
علاقتك بوالدتك "مقدسة"، لن يمحوها زواج أو طلاق، فقط ما تغير هو شكل العلاقة، أوقات تلاقيكم، تقسيم والدتك لوقتها ما بينك وزوجها وربما عملها لو هي تعمل وعائلتها إلخ، إذا أنت موجودة في حياة والدتك ، وستبقين موجودة ومهمة، يجب أن تصدقي هذا، ولا تسمحي لأي أصوات داخلية أو خارجية أن تهز هذه الحقيقة.
أعط نفسك فرصة للتفكير بهدوء، وللتغيير لما فيه مصلحتك، وعلاقتك بوالدتك، واحرصي على التواصل معها، وتعاملي مع هذا الزوج بالشكل الذي يريحك، وتتفهمه والدتك، فمن الجيد أن تحدثيها عن مشاعرك، ولا تدفنيها بداخلك، ومن المهم "القبول" للواقع الجديد وألمه.
وأخيرًا، فأنت محتاجة يا عزيزتي للتواصل مع معالجة نفسية، إذ لابد من تفريغ مشاعرك السلبية منذ طلاق والدتك، وفقدك لأسرتك – أي والدك ووالدتك وأنت معًا في أسرة واحدة- فما أراه أن أسباب خنقتك، ومتاعبك النفسية الحالية، وصولًا للتفكير في إنهاء الحياة، ليس وليد اليوم، ولا نتاج زواج والدتك، بل هو أمر تراكم على مر الزمن، منذ طفولتك، ومنذ الطلاق، ولم تتعافي من هذا كله حتى هذه اللحظة، وما لحظة زواج والدتك سوى مفجر لهذه التراكمات في داخلك، كل حممك الحالية ناتجة عن بركان في الداخل لابد أن يراه "متخصص"، ويثبر أغواره، ليأخذ بيديك للتعافي، والاستمتاع بحياتك، وبنفسك، وعلاقتك بوالدتك ، وكل علاقاتك بمن حولك، لأنك تستحقين عدم المكث طويلًا لأكثر من هذا في ظل هذه المعاناة التي أوصلتك هكذا لحالة الإكتئاب، وأعراضها الواضحة عندك كما يبدو من رسالتك.
ابحثي يا عزيزتي عن معالجة نفسية، ماهرة، أمينة، ودمت بكل خير ووعي وسكينة.
اقرأ أيضا:
الزواج ليس نهاية الحكاية .. 7 أشياء يبحث عنها الرجل في المرأةاقرأ أيضا:
قواعد الحزن السبعة.. هكذا تواجهها