أخبار

عبيدة بن الحارث.. ماذا تعرف عن أول شهداء بدر؟

هل يجوز الكلام أثناء الطواف حول الكعبة؟

لهذه الأسباب..طاعة الزوج مقدمة على طاعة الوالدين؟

قصص رائعة في بر الوالدين.. لا تفوتك

ذكاء الشافعي.. ماذا قال عن تحريم سماع المزمار؟

انتبه.. هذه العلامات على اللسان مؤشر خطر

رقم قياسي.. بطل شطرنج نيجيري يلعب 60 ساعة متواصلة

عجائب الكرم لا تنتهي .. ثمانية أبواب في منزل واحد لإعطاء السائل

حتى لا تندموا بعد فوات الأوان.. لا تصدِّقوا آباءكم وأمهاتكم حين يقولون لكم: "شكراً"

10 خطوات تمكن الآباء من تربية أبنائهم وإقامة علاقات قوية معهم على الرغم من الطلاق

قصة الهدية التي أرسلها "سلمى الأشجعي" لـ "عمر بن الخطاب" بعد فتح الأهواز

بقلم | أنس محمد | الاحد 07 ابريل 2024 - 08:57 ص


ليلة طويلة قضاها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، يفكر من يصلح لقيادة الجيش الذي سيرسله لفتح الأهواز غرب إيران، تلك البلاد الشاسعة، الجبلية وعرة المسالك، ثم ما لبثَّ، أن هتف قائلاً:((ظفرتُ به، نعم ظفرتُ به إن شاء الله, ولما طلع عليه الصباح، دعا عمرن بن الخطاب، سيدنا سلمة بن قيسٍ الأشجعي، وقال له: إني وليتك على الجيش المتوجه إلى الأهواز، فَسِرْ بسم الله )).

وأوصى امير المؤمنين عمر بن الخطاب، سلمى بن قيس الأشجعي وصية جاء فيها :

((إني وليتك على الجيش المتوجه إلى الأهواز، فسِرْ بسم الله، وقاتلْ في سبيل الله مَن كفر بالله، وإذا لقيتم عدوكم من المشركين فادعوهم إلى الإسلام، فإن أسلموا، فإمّا أن يختاروا البقاء في ديارهم، ولا يشتركوا معكم في حرب غيرهم، فليس عليهم إلا الزكاة، وليس لهم في الفيء نصيب، وإمّا أن يختاروا أن يقاتلوا معكم، فلهم مثل الذي لكم، وعليهم مثلُّ الذي عليكم, فإن أبوا الإسلام، فادعوهم إلى إعطاء الجزية، ودعوهم وشأنهم، واحموهم من عدوهم، ولا تكلِّفوهم فوق ما يطيقون، فإن أبوا فقاتلوهم، فإن اللهَ ناصرُكم عليهم, وإذا تحصَّنوا بحصنٍ، ثم طلبوا منكم أن ينزلوا على حكم الله ورسوله، فلا تقبلوا منهم ذلك، فإنكم لا تدرون ما حكم الله ورسوله، وإذا طلبوا منكم أن ينزلوا على ذمة الله ورسوله، فلا تعطوهم ذمة الله ورسوله، وإنما أعطوهم ذممكم أنتم، فإن ظفرتم في القتال، فلا تسرفوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليدا .

قال سلمة: ((سمعاً وطاعةً يا أمير المؤمنين, فودَّعه عمر بحرارةٍ بالغة، وشدَّ على يديه بقوة، ودعا له بضراعة)).

 مضى الجيش، وانطلق إلى الأهواز، وسط الحر الشديد، ومضى سلمة بن قيس، على رأس الجيش الغازي في سبيل الله، غير أنهم ما كادوا يتوغَّلون قليلاً في أرض الأهواز حتى دخلوا في صراعٍ مرير مع طبيعتها القاسية، فقد طفق الجيش يعاني من جبالها الوعرة، وهو مُصْعِد، ويكابد من مستنقعاتها الموبوءة، وهو مسهل .

لقد وجدوا أفاعي وعقارب، وجبالاً وعرة، وسهولاً فيها مستنقعاتٌ آسنة، وفيها حشرات ، وأوبئة وأمراض، وأرضًا لا يعرفونها، وعدوًّا يخشون بأسه، وهم خرجوا من الصحراء، من أرضٍ حارةٍ، إلى أرضٍ باردة، هؤلاء هم الصحابة، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ, قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

((لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ)).

كان الصحابة عندما يحاصِرون مدينةً محصنةً لها سور مرتفع، يرجو أحدُهم أخوانه أن يرفعوه إلى قمة الحصن، ويلقي بنفسه إلى داخله، ومَن بداخله؟ أعداءٌ ألدَّاء، معهم السيوف والرماح، ينتظرونه، كي ينهشوا لحمه بسيوفهم، ويقع هذا الصحابي خلف السور، ويضربه الكفار ، ستةً وثمانين طعنةً في جسمه، ويفتح باب الحصن، ويستشهد.

 امْتَثَل سلمة بن قيس لأمر خليفة المسلمين، فما إن التقى بأهل الأهواز حتى عرض عليهم الدخول في دين الله، فأعرضوا ونفروا، دعاهم إلى إعطاء الجزية فأبوا واستكبروا، فلم يبق أمام المسلمين غير ركوب الأسنة، فركبوها مجاهدين في سبيل الله، راغبين بما عنده من حسن الثواب، ودارت المعاركُ حاميةَ الوطيس، مستطيرة الشرر، وأبدى فيها الفريقان مِن ضروب البسالة ما لم تشهد له الحروب نظيراً، إلا في القليل النادر, ثم ما لبثت أن انجلت المعارك عن نصرٍ مؤزَّر للمؤمنين المجاهدين، وهزيمةٍ منكرةٍ للمشركين أعداء الله .


هدية أرسلها سلمة بن قيس الأشجعي إلى عمر بن الخطاب 


لما وضعت الحرب أوزارها، بادر سلمة بن قيس إلى قسمة الغنائم بين جنوده، ومن بين هذه الغنائم حِليةٌ نفيسةٌ جداً، فهذا الصحابي، هذا القائد المخلص، المحب، المؤمن ، الورع، لما رأى هذه الحلية النفيسة، أحبَّ أن يُتْحِف بها أمير المؤمنين، وأن يقدِّمها هدية من الجنود جميعاً لأمير المؤمنين، فما دامت هذه الحلية من حق الجنود، فلا بدَّ أن يستأذنهم، فقال للجنود:

((إن هذه الحلية، لو قسِّمت بينكم، لما فعلتْ معكم شيئاً، فهل تطيبُ أنفسكم إذا بعثنا بها إلى أمير المؤمنين؟ فقالوا مِن دون تردد جميعا: نعم .

فجعل الحليَةَ في سفطٍ-صندوق- وندب رجلاً من قومه، من بني أشجع، وقال له: امضِ إلى المدينة، أنت وغلامك، وبشِّر أمير المؤمنين بالفتح، وأطرِفْهُ بهذه الحلية.

فكان للرجل مع عمر بن الخطاب خبرٌ فيه عبرٌ وعظات، مضيتُ أنا وغلامي إلى البصرة، فاشترينا راحلتين، مما أعطانا سلمة بن قيس، وأوقرناهما زاداً، ثمَّ يمَّمنا وجوهنا شطر المدينة، فلما بلغناها نشدتُ أمير المؤمنين، أي طلبته، بحثت عنه، فوجدته واقفاً يطعم فقراء المسلمين، وهو متكّئ على عصاه كما يصنع الراعي.

((فلما أقبلتُ عليه، قال: اجلس، فجلست في أدنى الناس، وقدَّم لي الطعام، فأكلّتُ لحمًا، وسيد الطعام اللحمُ, فلما فرغ الناس من طعامهم، قال: يا يرفأ ارفع قِصاعك، ثم مضى فتبعته، فلما دخل داره استأذنتُ عليه بالدخول، فأذن لي، فإذا هو جالسٌ على رقعةٍ من شعر، أي جلد شعر، نصفه قد قُطِع، ونصفه ما زال موجودًا، متكئٌ على وسادتين من جلدٍ محشوَّتينِ ليفاً، فطرح إلي إحداهما، فجلست عليها, وإذا خلْفه سترٌ، فالتفتَ نحو الستر، وقال: يا أم كلثوم، ائتنا بغدائنا، فقلت في نفسي: ما عسى أن يكون طعام أمير المؤمنين الذي خصَّ به نفسه؟ .

قال: فناولته خبزةً بزيتٍ، عليها ملحٌ لم يدق، ملح خشن، فالتفتَ إليَّ، وقال: كُلْ، فامتثلت، وأكلت قليلاً، وأكل هو، قال: فما رأيت أحداً أحسن منه أكلاً، ثم قال: اسقونا، فجاءوه بقدحٍ فيه شرابٌ من سويق الشعير، نقيع الشعير، فقال: أعطوا الرجل أولاً، فأعطوني، فأخذت القدح، فشربت منه قليلاً، ثم أخذه وشرب حتى روي، ثم قال: الحمد لله الذي أطعمنا فأشبعنا، وسقانا فأروانا .

عند ذلك، التفت إليه، وقلت: يا أمير المؤمنين، جئتك برسالةٍ من عاملك سلمة, قال: مِن أين؟ قلت: من عند سلمة بن قيس، قال: مرحباً بسلمة بن قيس، ومرحباً برسوله، حدِّثني عن جيش المسلمين، فقلت: كما تحب يا أمير المؤمنين، السلامة والظَّفَرُ على عدوهم، وبشَّرته بالنصر، وأخبرته خبر الجيش جملةً وتفصيلاً، هذه هي المهمة الأولى .

فقال: الحمد لله أعطى فتفضَّل، وأنعم فأجزى، ثم قال: هل مررت بالبصرة؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين، قال: كيف المسلمون؟ قلت: بخيرٍ من الله، قال: كيف الأسعار؟ قلت: بخير، قال : وكيف اللحم؟ قلت: اللحم شجرة العرب، واللحم كثيرٌ وفير)).

اقرأ أيضا:

عبيدة بن الحارث.. ماذا تعرف عن أول شهداء بدر؟

موقف الخليفة عمر حينما رأى الهدية


لما رأى عمر الهدية قال ((ما هذا الذي بيديك؟ قلت: يا أمير المؤمنين، لما نصرنا الله على عدونا، جمعنا الغنائم، فرأى سلمة فيها حليةً، فقال للجند: إن هذه لو قسِّمت عليكم لما بلغت منكم شيئاً، فهل تطيب نفوسكم، إذا بعثت بها لأمير المؤمنين؟ فقالوا: نعم، ثم دفعت إليه بالسفط "الصندوق" .

فلما فتحه، ونظر إلى ما فيه، من بين أحمر وأصفر وأخضر، وثب من مجلسه، وجعل يده في خاصرته، وألقى بالسفط على الأرض، فانتثر ما فيه، ذات اليمين، وذات الشمال، فظنَّ النساء، أنني أريد قتله .

رفض عمر الهدية وأمر أن تعاد وتقسم بين الجند، ثم قال: قم غير محمودٍ لا أنت ولا صاحبك، قلت: ائذن لي بمركبٍ يحملني أنا وغلامي إلى الأهواز، فقد أخذ غلامك راحلتي، قال: يا يرفأ، أعطني راحلتين من إبل الصدقة، له ولغلامه، ثم قال لي: إذا قضيت حاجتك منهما، ووجدتَ مَن هو أحوج لهما منك فادفعهما إليه، -يعني الراحلتين- قلت: أفعل هذا يا أمير المؤمنين، ثم التفت إليَّ، وقال: أمَا واللهِ، لئنْ تفرَّق الجند قبل أن يقسم فيه هذا الحلي، لأفعلن بك وبصاحبك الفاقرة .

فمضيتُ من توي حتى أتيت سلمة، وقلت له: ما بارك الله لي فيما خصصتني به، أقسم هذا الحلي في الجند قبل أن تحلَّ بي وبك داهية، وأخبرته الخبر، فما غادر مجلسه إلا بعد أن قسمه فيهم)).




الكلمات المفتاحية

هدية سلمة بن قيس الأشجعي إلى عمر بن الخطاب فتح الأهواز غرب إيران عمر بن الخطاب

موضوعات ذات صلة

الأكثر قراءة

amrkhaled

amrkhaled ليلة طويلة قضاها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، يفكر من يصلح لقيادة الجيش الذي سيرسله لفتح الأهواز غرب إيران، تلك البلاد الشاسعة، الجبلية وعرة المسالك،