أشهر ابتهالاته: ليلة القدر أنت كل التمنى.. والسادات أهداه عصاة مطلية بالذهب إعجابًا بصوته

بصوته المتميز، والذي يتفجر بالحماس والحيوية، ارتبط المصريون لسنوات طويلة بسماع المبتهل الراحل، الشيخ حسن قاسم صوته وهو يردد في صلاة الفجر خلال شهر رمضان: "ليلة القدر أنت كل التمني.. لقلوب تفيض بالدعوات.. تتهادى السماء نورًا وبشرًا.. حيث تزهو ملائك الرحمات".
ولد "شيخ المبتهلين" في 27 من شهر أغسطس عام 1948 بكفر الغنامية مركز الباجور بمحافظة المنوفية، كف بصره في سن مبكرة، لكن الله عوضه بحنجرة ذهبية وصوتًا عذبًا، جعله أحد نجوم الابتهالات الدينية في مصر والعالم الإسلامي.
حفظ القرآن الكريم في كتاب القرية على يد الشيخ فرج العسال، وتعلم تجويد القرآن على يد إسماعيل عبدالجبار، كان يسمع المشايخ والمداحين والموشحين، ويدندن معهم ويطوف معهم البلدان في الموالد والمناسبات الدينية المختلفة.

بداية ظهوره 

عندما كان كمال الدين حسين وزيرًا للتربية والتعليم زار مدارس الباجور وسمعه وأعجب به وتنبــأ له بمستقبل كبير في عالم الإنشاد الديني، ومما أنشده وقتئذ: أحمد ياشافع لنا.. يلي اصطفاك ربنا.. نفسى أزور.. وأشاهد النور.
كان أول ابتهالاته: سبحان من خلق الأنام بفضله.. سبحان من حكم الوجود بعدله.. سبحان من فاضت علينا نعمته.. سبحان من وجبت علينا طاعته.
احترف العمل بالمديح النبوي والابتهالات الدينية في الثانية عشرة من عمره، ولأن والده كان خفيرًا نظاميًا، وليس له من الأولاد غير وشقيقته وحيدة، فقد تركه يفعل ما يشاء حتى كانت شهادة ميلاده بقرية "بي العرب" خلال افتتاح حفل مدرسة المعلمين، وكان وزير التعليم آنذاك كمال الدين حسين -أحد الضباط الأحرار- حاضرًا الحفل، وأشاد به وتنبأ له بمستقبل باهر، فبدأ يهتم بنفسه ويأخذ المسألة مأخذ الجد ويخرج مع المشايخ الكبار في "البطانة" مثل الشيخ بيومى أبوزهرة والشيخ سليمان داود ويردد التواشيح والقصائد خلفهم في الموالد مثل (مولد المناوي).

اقرأ أيضا:

علامات الغفلة.. احذر أن تكون أحد هؤلاء العشرة

اعتماده كمبتهل بالإذاعة 

ذاع صيته في الإسكندرية خصوصًا، وبعدها اشتهر في مصر كلها والعالم العربى والإسلامى بفضل الإذاعة المصرية وإذاعة القرآن الكريم، بعد اعتماده في عام 1974 مبتهلاً بالإذاعة، وكانت اللجنة مكونة من الشيخ الغزالي ومرسي عامر وعبدالجليل عيسى ومحمود كامل وأحمد صدقي والدكتور ماضي.
واشتهر من خلال أداء الابتهالات في شعائر صلاة الفجر من مسجد سيدنا الحسين والسيدة نفيسة والسيدة زينب وغيرها من مساجد مصر فى سهرات وأمسيات واحتفالات أمتع بها مستمعيه بأداء متميز وفتح من الله وروحانيات عالية.
وكانت أول إذاعة خارجية له فى شعائر صلاة الفجر بمسجد السيدة زينب رضى الله عنها، وكان أول ابتهال يتم تسجيله له بالإذاعة: "سبحان من خلق الأنام بفضله، سبحان من حكم الوجود بعدله، سبحان من فاضت علينا نعمته، سبحان من وجبت علينا طاعته".
وقد أدى الكثير من الابتهالات في مناسبات مختلفة، منها: العاشر من رمضان، والجنات، ونهر الكوثر، والصلاة والسلام عليك، ثم ابتهال ليلة القدر.. "ليلة القدر أنت كل التمنى.. لقلوب تفيض بالدعوات.. تتهادى السماء نورًا وبشرًا.. حيث تزهو ملائك الرحمات.. وتسابيح في صدور عباد في انتظار الرؤى على جمرات.. ليلة القدر منحة لتقى.. ليلة العمر بين ماض وآت..السعيد من فاز فيها بالدعاء المجاب والحسنات".
كان يحرص على تقديم القصائد المعاصرة ويتابع كل مايكتبه الشعراء من أشعار دينية، ويفرق بين التواشيح والابتهالات، قائلاً: الابتهالات دعاء ومناجاة لله، أما التواشيح فتكون بالبطانة وزمان كانت البطانة من المشايخ، ولكن الآن ليس هناك مشايخ بطانة ولا مشايخ تواشيح.

تميمة الحظ للنادي الأهلي 

يتمتع بروح المرح، ويعد من ظرفاء هذا الزمان، وكان يواظب على حضور مباريات كرة القدم التي يكون النادي الأهلي طرفًا فيها، فهو معروف عنه أنه من أشد مشجعيه، وكان يمتاز بزيه الأزهري وسط الجماهير، وهو على علاقة طيبة بنجوم النادي.
وكان لذلك قصة فقد كان يستمع لصوت المعلق الرياضي الشهر "علي زيوار"، فبهره لأنه كان يجيد وصف الملعب والكرة كما لو كان الوصف مشاهدة، وكان الشيخ حسن آنذاك يتردد على الإذاعة دون أن يلتحق بها بعد، وفي تلك الأثناء التقى الإذاعي فهمي عمرو، فطلب منه رقم هاتفه، واتصل به في اتحاد الجيش، حيث كان "زيوار" برتبة عقيد آنذاك، وذهب إليه واستقبله الأخير في مكتبه بترحاب، وكان في ذلك الوقت يشغل مدير الكرة بالأهلي حتى سنة 1961، فلم يترك الشيخ حسن الأهلي ولا علي زيوار حتى صار "تميمة الأهلي".
وفي مباراة نهائي كأس مصر بين الأهلي والترسانة سنة 1965، حاول الحكام والفريق المنافس منع الشيخ حسن من النزول للملعب مع علي زيوار لكن الفريق عبدالمحسن مرتجي أمرهم بتركه، وكان الحكم الدولي للمباراة علي قنديل، وسألوا الشيخ حسن عن نتيجة المباراة فأجابهم 1/ صفر لصالح الأهلي، وبدأت المباراة وأحرز أسامة يوسف هدف الفوز للأهلي فأطلقوا على الشيخ اسم "تعويذة الأهلي".

هدية ثمينة من السادات

كان الرئيس الراحل أنور السادات من أشد المعجبين به، وكان يحضره للإنشاد في مسقط رأيه بميت أبو الكوم بالمنوفية، وذات مرة داعبه وكان فيد عصا، فسأله الرئيس وهو مبتسم: إيه اللى فى إيدك ده.. ويقصد العصا فرد الشيخ حسن قائلاً: فتيس غرز يا ريس.. وضحك الرئيس وأهداه عصا مكتوب عليها اسمه بماء الذهب.. وظلت حتى مماته لم تفارق تلك العصا يد الشيخ.
مَر "شيخ المبتهلين" بعدة وعكات صحية نتيجة إصابته بمرض السرطان لمدة ثلاث سنوات، وانقطع عن الطعام والشراب، قبل أن يتوفى بعد صراع مع المرض في 6 أبريل 2018.