المودة والأخوّة والزيارة سبب التآلف، والتآلف سبب القوة، والقوة سبب التقوى، والتقوى حصن منيع وركن شديد بها يمنع الظلم وتنال الرغائب وتنجع المقاصد.
وقد من الله تعالى على قوم وذكرهم نعمته عليهم بأن جمع قلوبهم على الصفا وردها بعد الفرقة إلى الألفة والإخاء، فقال تعالى: " واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا".
إخوان الجنة وبكاء أهل النار:
وصف الله نعيم الجنة وما أعد فيها لأوليائه من الكرامة، إذ جعلهم إخوانا على سرر متقابلين، وقد سن رسول الله صلى الله عليه وسلم الإخاء وندب إليه، وآخى بين الصحابة رضي الله تعالى عنهم أجمعين.
وقد ذكر الله تعالى أهل جهنم وما يلقون فيها من الألم إذ يقولون: "فما لنا من شافعين *ولا صديق حميم".
اقرأ أيضا:
مواعظ مبكية بين عمر بن عبد العزيز والخليفة سليمانحكم ومواعظ:
1-قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكرم الله وجهه: الرجل بلا أخ كشمال بلا يمين.
2- وقال الأوزاعي: الصاحب للصاحب كالرقعة في الثوب إن لم تكن مثله شانته.
3- وقال الوزير عبد الله بن طاهر: المال غادٍ ورائح والسلطان ظل زائل والإخوان كنوز وافرة.
4- وقال المأمون لوزيره الحسن بن سهل: نظرت في اللذات فوجدتها كلها مملولة سوى سبعة، قال: وما السبعة يا أمير المؤمنين؟
قال: خبز الحنطة، ولحم الغنم، والماء البارد، والثوب الناعم، والرائحة الطيبة والفراش الواطىء، والنظر إلى الحسن من كل شيء، قال: فأين أنت يا أمير المؤمنين من محادثة الرجال؟ قال: صدقت، وهي أولاهن.
5- وروي عن الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك قال : أكلت الطيب ولبست اللبن وركبت الفاره وافتضضت العذراء، فلم يبق من لذاتي إلا صديق أطرح معه مؤنة التحفظ.
6- وكذلك قال معاوية رضي الله عنه: نكحت النساء حتى ما أفرق بين امرأة وحائط، وأكلت الطعام حتى لا أجد ما استمرئه، وشربت الأشربة حتى رجعت إلى الماء، وركبت المطايا حتى اخترت نعلي، ولبست الثياب حتى اخترت البياض، فما بقي من اللذات ما تتوق إليه نفسي إلا محادثة أخ كريم.
7- وقيل لابن السماك الواعظ : أي الإخوان أحق ببقاء المودة؟
قال: الوافر دينه، الوافي عقله، الذي لا يملك على القرب ولا ينساك على البعد، إن دنوت منه داناك، وإن بعدت عنه راعاك، وإن استعنت به عضدك، وإن احتجت إليه أغناك، وتكون مودة فعله أكثر من مودة قوله.