ليس هناك علي ارتفاع مقام كلمة لا حول ولا قوة إلا بالله من النبي صلي الله عليه وسلم قد وعد قائلها بأن يحوز كنزا من كنوز الجنة فهذه الجملة علي قصرها الا أن لها فوائد دينية وروحية عظيمة فهي تعمل تخفيف الهم تفريج الكرب ، ولو أدرك الجميع معناها لساهمت في تخفيف معظم آلامنا وهمومنا ، ، لكل هذه الفضائل فقد حثنا رسول الله صلّي الله عليه وسلم علي ترديد بكثرة أناء الليل وأطراف النهار . .:
وقد وردت العديد من الأحاديث في تفسير معني لا حول ولا قوة الا بالله منها ما جاء في حديث ابن مسعود، رضي الله عنه ، فيما أخرجه ابن النجار : “ألا أخبرك بتفسير “لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ”؟ لا حول عن معصية الله إلا بعصمة الله ، ولا قوة على طاعة الله إلا بعون الله ، هكذا أخبرني جبريل يا ابن أم عبد” صدق رسول الله صلّي الله عليه وسلم .
وقال ابن عباس رضي الله عنه في تفسيرها عن النبي صلّ الله عليه وسلم ” أي : لا حول بنا على العمل بالطاعة إلا بالله ، ولا قوة لنا على ترك المعصية إلا بالله “
وقد اجمع الفقهاء علي عظمة مكانة كلمة الحوقلة حيث قال عنها ابن تيمية ” قول لا حول ولا قوة إلا بالله يوجب الإعانة ” ولهذا جعلها النبي عليه الصلاة والسلام سنة ، فعندما كان المؤذن يردد عند كل صلاة حي على الصلاة ، كان الرسول عليه الصلاة والسلام يردد لا حول ولا قوة إلا بالله .
وعلي نفس السياق سار الإمام ابن القيم حيث تحدث عن الحوقلة : ” تحمل بها الأثقال ، وتقتحم بها الأهوال ويدخل بها على من تخافه ” ، ولا يقتصر فضل الحوقلة على الدنيا ، ولكن لها فضل كبير في الآخرة ، فقد قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها كنز من كنوز الجنة ،
وكذلك روى البخاري من حديث أبي موسى الأشعري قال : “كنا مع النبي، صلى الله عليه وسلم، في سفر، فكنا إذا علونا كبرنا، فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، فَإِنَّكُمْ لا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلا غَائِبًا، وَلَكِنْ تَدْعُونَ سَمِيعًا بَصِيرًا “، ثُمَّ أَتَى عَلَيَّ، وَأَنَا أَقُول فِيِ نَفْسِي : لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ، فَقَالَ : ” يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ ، قُلْ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، فَإِنَّهَا كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ “.
هذه الجملة القصيرة تعد استعانة بالله العظيم: ومن استعان بالله جل جلاله، فالله سبحانه يعينه على قضاء حوائجه، وجميع ما يصلحه. والاستعانة بالله من أفضل العبادات وأجلّها وتعرف منزلتها وعظم شأنها من خلال سورة الفاتحة التي أمر الله سبحانه عباده أن يتعبدوه بتلاوتها يومياً مراراً، وذلك في قوله تعالى: "إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ"، فهذه الآية فيها إخلاص الاستعانة لله لأنه قدم ما حقه التأخير فأفاد حصر الاستعانة بالله وكذلك لا حول ولا قوة إلا بالله كلمة تحتوي على الإخلاص لله بالإستعانة فهي تدل على ما دلت عليه
ومن فضائل لا حول ولا قوة إلا بالله أنها تشكل نوعا من التوكل على الله وتفويض الأمور إليه، والاستسلام والإذعان له مع إظهار الذل والافتقار له سبحانه فهو الغني والعبد فقير إليه لا يملك من أمره شيئاً. ومما يدل على فضل "لا حول ولا قوة إلا بالله"، وعلو منزلتها، ومما يرغب في الإكثار من قولها باللسان وإمرارها على الجنان أمور كثيرة، نذكر منها:
تصديق الله لقائلها من فضائل لا حول ولا قوة الا بالله فمن صدقه الله تعالى على ما يقول فليبشر بالخير بإذن الله، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: إذا قال العبد: لا إله إلا الله والله أكبر صدقه ربه، قال: صدق عبدي لا إله إلا أنا وأنا وحدي، وإذا فال: لا إله إلآ الله وحده لا شريك له، صدقه ربه قال: قال صدق عبدي لا إله إلا أنا ولا شريك لي، وإذا قال: لا إله إلا الله له الملك وله الحمد قال: صدق عبدي، لا إله إلا أنا لي الملك ولي الحمد، وإذا قال: لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله، قال: صدق عبدي لا حول ولا قوة إلا بي
اقرأ أيضا:
سنة نبوية مهجورة .. من أحياها حاز رضا الله وعظيم ثوابهبل أن المداومة علي ترديد لفظ "الحوقلة " خلال أذكار الصباح والمساء يجلب العديد من النعم، بل أنها تعد مؤشرا قويا علي دوام النعمة، حيث أخرج الطبراني بإسناده عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم-: "من أنعم الله عليه نعمة فأراد بقاءها فليكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله".
وكذلك من فضائل لا حول ولا قوة الا بالله أنها تعد من غراس الجنة: وهو ما أكده حديث الصحابي الجليل أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه حيث قال : أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به مر على إبراهيم عليه السلام فقال: من معك يا جبريل؟ قال: هذا محمد فقال له إبراهيم عليه السلام: يا محمد, مُرْ أمتك فليكثروا من غراس الجنة فإن تربتها طيبة وأرضها واسعة قال: "وما غراس الجنة" قال: لا حول ولا قوة إلا بالله, رواه أحمد وابن حبان.
الفضائل العديدة لقول "لا حول ولا قوة إلا بالله " أنها تعد بابا من أبواب الجنة وكنز امن كنوزها ودواء من تسعة وتسعين داء أيسرها الهم مؤشر علي دوام النعم فضلا عن كونها غراسا من غراس الجنة وهي كلها فضائل تفرض علي مسلم الإكثار من هذا الذكر ليلا ونهارا لعلها تفتح الباب علي هذه السلسلة التي لا تتوقف من النعم ..