هل قست عليك الحياة، وعلاقاتك مع الناس، فقررت أن تلغي مشاعرك، وتتعامل بمنطقية وعقلانية، وتتجاهل مشاعرك؟!
يعتقد البعض أن هذا هو الحل عندما يتعرضون للأذى، والألم، بسبب مشاعرهم، فيغلقون عليها الباب، ويدفنونها بعيدًا ظنًا منهم أنهم بذا يحافظون عليها، وعلى أنفسهم من الأذى، والألم، والحقيقة أنهم بهذا التفكير والتصرف يكونون قد أضروا بمشاعرهم وأنفسهم أشد الضرر، يتمثل في المعاناة من بعد في التواصل مع النفس، وإدراك المشاعر، فالإنسان بحسب الدكتور محمد طه أستاذ الطب النفسي، لا تكتمل حياته النفسية إلا بالتناسق والتآلف بين ثلاثة مكونات، هي ، الأفكار، والمشاعر، والتصرفات، بحيث لا يطغى أحدها على الآخر.
لذا، ولأن المشاعر عبارة عن بحر واسع من الأحاسيس والخبرات التى قد يكون بعضها مبهجاً، وقد يكون بعضها الآخر محزنًا أو مؤلمًا، علينا أن نقبل هذا وذاك، فهذه هي طبيعة الحياة، وطبيعة النفس البشرية.
منحنا الله كذلك ما يسمى بوسائل الدفاع النفسية، وهي بعض الطرق التي يستخدمها عقلنا فى التغطية على بعض المشاعر التي لا نقبلها، أو نرفض الشعور بها، أو لا نتحمل ألمها، ومن هذه الوسائل الدفاعية ما يسمى بـ (العقلنة)، وهي تحويل كل شيء إلى أفكار عقلية تخلو من أية مشاعر لتجنب الألم أو القلق أو الشعور بالذنب المرتبط بهذه الأشياء، ومنها أيضاً ما يسمى بـ (المنطقة)، وهي استخدام المنطق العقلي في تبرير كل شيء، وأي شيء، للتغطية أيضًا على بعض المشاعر غير المقبولة.
ولكن، - والكلام لأستاذ الطب النفسي- هذا كله عبارة عن مسكنات، لا يطول مفعولها، حتى يحين وقت المواجهة التي لا بد منها، عندما تعطل الانسان وتبعده عن نفسه لفترة طويلة.
ومن هنا وجب التحلي بالشجاعة، واتخاذ قرار بقبول كل مشاعرنا بكل أشكالها وألوانها، قبول الألم، والخوف، والحزن، والوجع، فنحن بشر، وهذه بعض لوازم بشريتنا، أن نترك أحاسيسنا ومشاعرنا، وألا نسجنها، وأن نتذوق حلاوة مشاعرنا حتى لو كانت مُرّة فى بعض الأحيان.