هناك قاعدة عامة يجب أن يتعلمها الجميع، وهي (الوعي قبل السعي)، إذ يجب على كل إنسان أن يعي جيدًا ماذا يريد، وأن يحدد هدفه قبل أن يبدأ أي سعي مهما كان، فكيف بطالب أن يتصور حصوله على الدرجات النهائية، وهو لا يعي كيفية الوصول إلى التفوق، ولا يضع لنفسه منهجًا يسير عليه، قبل تحقيق الهدف.. هكذا في كل مناحي الحياة، يجب على كل إنسان أن يعي هدفه جيدًا ويدرسه، ويفهمه، ويحدد ما يريد، ثم يبدأ مشوار السعي
فمثلاً الداعية أو الواعظ الجيد، كيف له أن يصل بمعلومته إلى الناس دون قراءة وثقافة وعلم؟، فيجب أن يكون الداعية والواعظ والإمام على دراية بما يتحدث فيه، وعلى وعي وعلم بما يتحرك به بين الناس، كوعيه لحقيقة رسالة الإسلام، ووعيه بالحديث النبوي الشريف، والقراءة هي أولى تلك الوسائل التي تحقق هذا الوعي، فداعية بلا علم كجندي بلا سلاح إذا نزل إلى أرض المعركة.
الرسالة الحقة
في البداية كان الإسلام غريبًا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وحده يريد أن يصل رسالة الله عز وجل إلى الناس كافة، والأمر بالتأكيد ليس بهذه السهولة، فما كان منه عليه الصلاة والسلام إلا أن وضع لنفسه طريقًا للوعي، وهدفًا محددًا، وطريقًا اختاره لكي يصل وينجح.
فكانت النتيجة أن أظهره الله عز وجل على الدين كله، هكذا كل إنسان، وعيه هو الأساس، هو البذرة التي يخرج منها فيما بعد الثمرة، وتظهر في صورة شامخة تمتد جذورها في قلب الأمة، وترتفع فروعها قوية متماسكة، وقادرة على مواجهة كل أعدائها، وهو ما أكده المولى عز وجل في كتابه الكريم: « كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ » (الفتح: 29).
من أين يأتي الوعي؟
لكن من أين يأتي الوعي؟.. بالتأكيد يأتي من التربية في المنزل أولاً، ثم من تلقي العلوم الحياتية الاعتيادية، ثم العلوم الدينية والدنيوية، بالإنسان يجب أن يعزز نفسه ويسلح نفسه بالعلم، والوعي أيضًا يعني فهم كل ما حولنا، وإعمال العقل في كل الأمور.
ولذا نلحظ في القرآن الكريم أن يحثنا على ذلك، قال تعالى: «لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ ۗ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَىٰ وَلَٰكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ» ( يوسف 111)، إذن تحريك العقل بالعمل والفكر والتدبر، ضرورة واجبة في الإسلام، لأنه بالوعي يبدع الإنسان في حياته، ويحقق أسمى ما يريد.
اقرأ أيضا:
تعرف كيف حث الإسلام على العمل والنشاط والإنتاج