للأسف (اللي جوه نفوس الناس بقي يخض .. ومن رحمة ربنا أنه مستخبي)، ربما هذه الكلمات تكون صادمة للبعض، لكنها للأسف حقيقة نعيشها الآن، فحينما تجد نظرة الحب الحقيقية في المطارات، والندم الحقيقي تجده في المقابر، والدموع الحقيقية تجدها في الجنازة، والدعاء من أعماق القلب تجده في المستشفى، إذن نحن نعيش بمشاعر مزيفة.. لأننا ببساطة لا نعرف قيمة بعضنا إلا في النهايات .
وأن تقدم وردة في وقتها أفضل كثيرًا جدًا من أنك تأتي بنجمة من السماء بعد فوات الأوان، وأنك تقول كلمة طيبة في الوقت المناسب، أعظم كثيرًا من أنك تكتب قصيدة بعد أن تختفي المشاعر، لأنه ببساطة ليس هناك أي لزوم من أشياء أو مشاعر تأتي متأخرة كقبلة اعتذار على جبين ميت.
استعجل الجميل
لا تؤجل الأشياء الجميلة، ولا تكتم المشاعر وتقتل الأحاسيس بداخلك، فقد لا يأتي أوانها مرة أخرى، وهكذا كان نبينا الأكرم صلى الله عليه وسلم، يحث دومًا على أن تكون هذه المشاعر رقيقة، وعالية ليس فيها جفوة وليس فيها غلظة، فالإسلام كله رحمة لم يأت بالغلظة أبدًا.
واسمع إلى قول المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى حين قال: «رأس الكفر نحو المشرق والفخر والخيلاء في أهل الخيل والإبل والفدادين أهل الوبر والسكينة في أهل الغنم».
وهكذا أيضًا قول النبي الأكرم عليه الصلاة والسلام يقول، كما في حديث أبي هريرة: «من بدا جفا (أي من سكن الفيافي والقفار والصحاري) ومن اتبع الصيد غفل ومن أتى أبواب السلطان افتتن…»، أي يفتتن بهذه الدنيا، وذاك يغفل عن ذكر الله عز وجل، وذاك تجفو مشاعره.
اقرأ أيضا:
التخنث لدى البنات والأولاد ظاهرة مزعجة.. كيف نواجهها؟أين الرحمة؟
وكأن الله والعياذ بالله، نزع من قلوب البعض الرحمة، رغم أن الإسلام يأمر أتباعه دائمًا بالرحمة، فليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا، هكذا خلد الإسلام دعائم الرحمات بين الناس، بينما يأتي الجفاء بالأساس من البعد عن طريق الله عز وجل.
وهذا يبدو في الأعرابي الذي جاء إلى النبي عليه الصلاة والسلام فرأى النبي عليه الصلاة والسلام يضم أطفاله ويقبلهم فيستشعر ويقول: تقبلون الأطفال؟ كأن هذا أمر منفر لطباعه. قال: نعم. قال: والله إن لي عشرة من الأولاد ما قبلت منهم أحد. فقال النبي عليه الصلاة والسلام: «أَوَ أَمْلِكُ لَكَ أَن نَزَعَ اللهُ الرَّحْمَةَ مِن قَلبِكَ؟».
ومن ثم فإن قيم ديننا تحرص على مراعاة المشاعر مشاعر القريب ومشاعر البعيد، قال تعالى: «وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوّاً مُبِيناً» (الإسراء: 53).