عزيزي المسلم، حتى في طلب الحوائج.. كن عزيز النفس، مصداقًا لقول النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم: «اطلبوا الحوائج بعزة النفس فإن الأمور تجري بمقادير»، فإذا كان لك مصلحة عند أحد من الخلق فاطلب ذلك بعزة النفس، لأن الأمر ليس بيد هذا المخلوق، أي أن الأمر كله بيد خالق الخلق فهو مالك الملك، ومن ثم اطلبوا الحوائج بعزة الأنفس فإن الأمور تجري بالمقادير، فإذا وثق العبد بذلك كان أعز الناس، وكان أغنى الناس بالله عز وجل، وكان أقوى الناس بالله عز وجل، ومع ذلك يحافظ على حدود الله وحقوقه وأوامره ونواهيه، من كان كذلك عباد الله أتاه النفع من حيث يخاف أن يحصل الضر.
النجاة في العزة
ليعلم كل مسلم أن النجاة الحقيقية في عزة النفس، وليس في الذل لكائن من كان، فقد روي أن سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم انكسرت به المركب، فوقع في جزيرة، ولم يعرف الطريق، فرأى أسدًا، فقال: يا أبا الحارث، أنا سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم دلني على الطريق، قالوا: فأخذ الأسد يهمهم ويسير أمامه حتى دله على الطريق، ثم همهم له وانصرف كأنه يودعه!! أي: يأتيه النفع والخير ممن يخاف منه الضر.
انظر من كان مع الله يسير له الأسد، لكن من اعتمد على غير الله كان أحط الناس أسدًا عليه، وذلك لأنه من عرف أن الأمر بيد الله، فانقطع عن الخلق إلى الحق، وتعلق قلبه بالله عز وجل؛ لا يرجو إلا الله، ولا يخاف إلا من الله، يحافظ على حدود الله، ويسأل الله عز وجل، ويستعين بالله عز وجل، لأنه لن يضره ولن ينفعه سوى الله عز وجل.
وفي ذلك يقول النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم: «واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف».
اقرأ أيضا:
معك على الحلوة والمرة.. فلا تنسوا الفضل بينكملماذا الذل؟
عزيزي المسلم، لماذا تذل نفسك؟، وقد كتب مقادير الخلائق، قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، فكيف يرجو العبد غير الله؟! وكيف يأمل في غير الله؟! وكيف يخاف من غير الله عز وجل؟!.. فمن علم ذلك عباد الله انقطع إلى الله عز وجل، وعمل بطاعة الله عز وجل، وكان مع الله عز وجل، وفي ذلك يقول النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم : «احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فسأل الله، وإذا استعنت فاستعنت بالله»، فإياك أن تلجأ لغير الله، لأن في الأمر مذلة، بينما اللجوء إلى الله قمة العزة.