يقع الناس في الشرور، فهناك من يفيق، ويعود إلى الله من فوره، بينما هناك من يتمادى في غيه ويتناسى أن الله وحده القادر على إخراجه من غياهب الشر إلى نور الخير.
وفي ذلك يقول الإمام ابن تيمية رحمه الله: «وكل ما يصيب المؤمن من الشر فإنما هو بذنوبه، والاستغفار يمحو الذنوب فيزيل العذاب»، ويقول المولى سبحانه وتعالى: «وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ».
ومما لاشك فيه أن الشريعة الإسلامية جاءت بالحث على كل خير، والتحذير من كل شر، فكل خير قد حثنا المولى عليه، وكل شر حذرنا منه، ومما حثنا عليه الاستغفار، كقوله تعالى: «وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ » (آل عمران: 135)، وقوله أيضًا: « وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا » (النساء: 110).
مداواة الذنوب
لكي تداوي ذنوبك -وبالتأكيد ستقع في ذنوب مهما حاولت أن تبتعد-، عليك باتباع الطريق الذي رسمه لك الله عز وجل، وهو عبر الاستغفار، بل أن الله عز وجل يعلم جيدًا -كونه خالقك- أنك ستذنب لا محالة يومًا ما، فحقق لك الاستغفار حتى تعود من فورك.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده لو لم تذنِبوا فتستَغفِروا لذهب الله بكم، ولجاء بقومِ يُذنِبون فيستغفرون الله؛ فيَغفر الله لهم».
وهذا لاشك ترغيب في أن الإنسان إذا أذنب فليستغفر الله من فوره ولا يتردد، لإنه إذا استَغفر الله عز وجل، بنية صادقة، وقلبٍ موقن، فإن الله تعالى سيغفر له لا محالة.
قال تعالى: « قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ » (الزمر: 53).
اقرأ أيضا:
آية قرآنية تكشف لك سر قوتك وتهون عليك كابوس الموتالرد الإلهي
أوتدري أن الله عز وجل وعد بمنح المستغفر الكثير من الأمور التي يتمناها غالبية الناس، فقط أن تحافظ على الاستغفار تجد ما لا يمكن تخيله، إذ يقول الله جل شأنه : « وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ » (هود: 3).
لذلك يؤكد العلماء أن الاستغفار مع الإقلاع عن الذنب سبب رئيسي للعطاء والفلاح وكثرة الرزق وزيادة في العزة، إذ يقول الإمام ابن كثير رحمه الله: «ومن اتصف بهذه الصفة - أي: صفة الاستغفار - يسر الله عليه رزقَه، وسهل عليه أمره، وحفظ عليه شأنه وقوته؛ ولهذا قال: « يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا».