القضاء هو " الفهم"، وقد قال تعالى مادحا عبده سليمان بن داود عليهما السلام :" ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما"
وقد كان عصر التابعين يموج بالعلماء، والفقهاء ووجهاء الناس، ومع ذلك كان" القاضي شريح"، هو الأشهر في القضاء هو وإياس الذكي، لما لهما من ذكاء في الفهم، تقدما بهما على غيرهما.
فالولاية لها ركنان القوة والأمانة كما قال الله تعالى :" إن خير من استأجرت القوي الأمين".
وقال صاحب مصر ليوسف فيما حكاه الله تعالى : "إنك اليوم لدينا مكين أمين".
وقال تعالى في صفة جبريل :" إنه لقول رسول كريم ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم أمين".
تنوع واختلاف القوة:
1-فالقوة في إمارة الحرب ترجع إلى شجاعة القلب والخبرة بالحروب والمخادعة فيها فإن الحرب خدعة وإلى القدرة على أنواع القتال من رمي وطعن وضرب وركوب وكر وفر ونحو ذلك كما قال الله تعالى :" وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل".
2- والقوة في الحكم بين الناس ترجع إلى العلم بالعدل الذي دل عليه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والتفطن لحجج الخصوم وخدعهم وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم :" أقضاكم علي" أي هو أشد تفطنا للخداع وحجج المتحاكمين وخدعهم وبه يظهر الجمع بينه وبين قوله صلى الله عليه وسلم :" أعلمكم بالحلال والحرام معاذ بن جبل".
3- فإذا كان معاذ أعرف بالحلال والحرام كان أقضى الناس غير أن القضاء لما كان يرجع إلى معرفة الحجج والتفطن لها كان أمرا زائدا على معرفة الحلال والحرام.
4- فقد يكون الإنسان شديد المعرفة بالحلال والحرام وهو يخدع بأيسر الشبهات ولذلك قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح :" إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو مما أسمع".. فدل ذلك على أن القضاء يتبع الحجج فمن كان أشد تفطنا له كان أقضى من غيره ويتقدم على غيره
اقرأ أيضا:
هل القلوب تصدأ .. وما الفرق بين "الران" و" الطبع" على القلب؟شروط الأمانة:
1-والأمانة ترجع إلى خشية الله وألا يشتري بآياته ثمنا قليلا وهذه الخصال الثلاث التي أخذها الله على كل من حكم بين الناس في قوله تعالى :" فلا تخشوا الناس واخشون ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون".. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم :" القضاة ثلاث قاضيان في النار وقاض في الجنة".
2- واجتماع القوة والأمانة اليوم في الناس قليل ولهذا كان عمر رضي الله عنه يقول اللهم أشكو جلد الكافر وعجز الثقة.