مرحبًا بك يا عزيزتي..
لاشك أن زوجك أخل بوعده، صحيح أنه "اضطر"، لذلك، لكنه لم يف بما وعد، وأنت من حقك رفض هذا كله، ولكن أنت أصبحت أمام أمر واقع، ووجب تغيير طريقة تفكيرك، حتى تقللي خسائرك قدر المستطاع ولا يزيد الطين بلة.
فزوجك لديه مبررات قوية لجلبه ابنته للعيش معكم، وهو زواج والدتها، ومن ثم رفضه كوالد أن تعيش ابنته مع "زوج أم" وهو موجود، وهنا لن ينفع أبدًا لومه ومعاتبته والصراخ في وجهه بأنه لم يف بما وعد، وأنه، وأنه، بل التفكير في كيفية إراحة نفسك وعدم تحميلها فوق ما تطيق بسبب تواجد ابنته.
لا بأس أن تطلبي من زوجك أن يجلب لك مساعدة منزلية ليخف عنك عبء الخدمة والرعاية، أو تطلبي منه المشاركة وأن تتحمل الإبنة بعض المسئوليات خاصة الخاصة بها، فهي ليست طفلة في مرحلة طفولة مبكرة، بل على عتبات المراهقة، المهم هنا والمطلوب أن تحددي جزءًا من المشكلة يضايقك، ويمكن إيجاد حلول له، فإذا كان وجود الإبنة أمر واقع ومغادرتها مستحيلة، فلنفكر في كيفية أن يكون بقاؤها خفيفًا، لا يمثل عبئًا يجعلك تضجرين هكذا، وهذا حقك.
أما إذا رفض زوجك، فهل يكون الطلاق بالفعل حلًا، هذا سؤال له تفريعات، وزوايا كثيرة لابد أن تناقشيها مع نفسك، بصراحة، وصدق، فمرحلة ما بعد الطلاق تعني تحملك لمسئولية نفسك، وحياتك وحدك، ورضيعك، فهل أنت قادرة على هذا ومستعدة له؟ هل بالفعل ستكونين أفضل نفسيًا واجتماعيًا، مع الطلاق، وستكون مشكلاتك بعده – فلكل حالة ووضع اجتماعي مشكلاته- أخف وأهون عليك من مشكلاتك وأنت زوجة أب؟ هل مكاسبك بعد الطلاق أكبر من خسائرك أم العكس؟
لابد من دراسة تفاصيل وضعك، وحياتك، يا عزيزتي إذا ما اخترت بالفعل الطلاق، فالقرار مصيري ولا يجب أبدًا أن يكون انفعاليًا، أو عشوائيًا.
ما أراه يا عزيزتي، وأود لو جربتيه، ولن تخسري شيئًا، هو "القبول"، نعم القبول لما حدث، على الرغم من ألم الرفض، والقبول لابنة زوجك، خاصة أن ابنك أخ لها، شئت أم أبيت، فقد قضي الأمر، وأعتقد أنه من المناسب والأفضل بالطبع أن ينشأ كلًا منهم محبًا للآخر، قابلًا له، ولوجوده، وهذه خطوة لابد أن تبدأ من عندك أنت، فأنت الناضجة، الراشدة، والأم.
نعم، تعاملي معها كأم، وانظري لها كأم، لا زوجة أب، وتحلي بالصبر، والتفهم لوضعها، فأبويها مطلقان، وحرمت من أمها بسبب زواجها، وهي على عتبات المراهقة بتقلباتها العنيفة، وتغييراتها المزعجة، فالتمسي لها العذر بل الأعذار، ودعي الأيام تساعدك، فمثل هذه الأمور يكون الوقت فيها جزء من العلاج.
ولاشك أن هذه المعاملة من قبلك ستلقى إعجابًا، واستحسانًا من زوجك، ووقتها سيختلف هو أيضًا في تعاملاته، ونظرته، وسيقل توترك وغضبك وسيقل الشجار، وهكذا.
صدقي أن بذلك جهدًا لكسب هذه الابنة لصفك، هو جهد لن يضيعه الله، فربما تتقلب الأيام وتصبح صديقة وإبنة لا إبنة زوج!
اقتربي منها وإن ابتعدت، وبادري بتقديم لغة الحب التي تعجبها، كالهدية، والاحتضان، والمديح، إلخ، ورويدًا رويدًا ستلين قناتها.
سيكبر رضيعك، يا عزيزتي، وستتوطد العلاقة بينه وبينها كأخوات، وسيحل الوئام على هذه الأسرة، بفضل الله أولًا ثم حكمتك في إدارة العلاقات هذه جميعها، واحتواء الصغيرة التي ستكبر يومًا ما ولن تنسى لك ذلك، فلا تنسي أنت أيضًا هذا السيناريو الجميل المحتمل، واسع لتحقيقه.
جربي يا عزيزتي وأنت موقنة بأن هذا هو الحل الأسلم، والأنسب، والأفضل، والأعقل، ودمت بكل خير ووعي وسكينة.