الله تعالى واسع الرحمة والمغفرة، سعة لا مثيل لها، فإنه سبحانه لا يريد بنا إلا الخير، حتى ونحن على معصية، فهو قادر على أن يعذب من عصاه عند أول ذنب، وعند أول جرم، وعند أول معصية، ولو فعل الله ذلك ما ترك على ظهر الأرض من دابة؛ لأن كل العباد خطاؤون، وسبحانه يحب التوابين.
قال سبحانه: « وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا » (فاطر: 45).
إذن علينا ألا نيأس من رحمة الله مهما كانت ذنوبنا، لأن رحمات الله أوسع وأكبر من أي ذنب مهما كان.
أرحم بنا من أنفسنا
الله عز وجل أرحم بنا من أنفسنا، وفي ذلك يقول الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه: قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، سبي، فإذا امرأة من هذا السبي وجدت صبيًا في السبي فأخذته وألصقته ببطنها وأرضعته، فقال النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم لأصحابه: «أتدرون هذه طارحة ولدها في النار»، قال الصحابة الكرام: لا يا رسول الله، وهي تقدر على أن لا تطرحه، فقال: «لله أرحم بعباده من هذه بولدها».
وما لذلك إلا لأن رحمة الله تسبق غضبه دائمًا، وفي ذلك يقول النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم: «إن لله مائة رحمة، أنزل منها رحمة واحدة بين الجن والإنس والبهائم والهوام، فبها يتعاطفون، وبها يتراحمون، وبها تعطف الوحش على ولدها، وأخر الله تسعًا وتسعين رحمة، يرحم بها عباده يوم القيامة».
اقرأ أيضا:
في العيد.. هل صالحت من خاصمته؟تيسير في التكليف
لو نظرنا إلى الفروض التي فرضها الله عز وجل علينا، لوجدنا، أنه سهل علينا كل العبادات، ولم يصعب علينا أي شيء، حتى الصلاة، كانت خمسين فرضًا فأصبحت خمسًا فقط في اليوم والليلة، لكنها تحسب عند الله بأجر خمسين، فأي فضل أعظم من هذا؟.. بالتأكيد لا يوجد، بل أنه سبحانه وتعالى أمرنا بالدعاء ليستجيب لنا، وحثنا على الاستغفار ليغفر لنا، ودعانا إلى التوبة ليتوب علينا.
يقول أنس رضي الله عنه: سمعت رسول الله يقول: «قالَ اللَّهُ تبارَكَ وتعالى: يا بنَ آدمَ، إنَّكَ ما دعوتَني ورجوتَني غفَرتُ لَكَ على ما كانَ فيكَ ولا أبالي، يا بنَ آدمَ، لو بلغت ذنوبُكَ عَنانَ السَّماءِ ثمَّ استغفرتَني غفرتُ لَكَ ولا أبالي، يا بنَ آدمَ، إنَّكَ لو أتيتَني بقرابِ الأرضِ خطايا ثمَّ لقيتَني لا تشرِكُ بي شيئً،ا لأتيتُكَ بقرابِها مغفرةً».