أخبار

هكذا يكون معنى التسليم لله.. ارض بقضائه يرضيك بجمال قدره

أعصي الله والشيطان يعصي.. ما الفرق بيني وبينه؟

كيف ترضا بقضاء الله.. وما الفرق بينه وبين الصبر على البلاء؟

أعاني من فقد الأصدقاء وسوء فهمهم لي .. ما الحل؟

فوائد لم تسمعها من قبل عن حبس "يونس" في بطن الحوت

من علامات اقتراب الساعة: "سقوط الوعول وعلو التحوت"

ماذا فعل أهل الكتاب الذين أمنوا بالإسلام عند سماعهم للقرآن؟ (الشعراوي يجيب)

ماذا يفعل من قصر مع والديه في حياتهما؟

ماذا قال النبي لسعد بن أبي وقاص حينما أراد التصدق بماله؟

ردد دعاء الرسول المصطفى قبل الهجرة.. عندما تضيق عليك الحياة

لماذا حرّم الله القتال في "الأشهر الحرم" ولم يحرّمه في غيرها؟ (الشعراوي يجيب)

بقلم | فريق التحرير | السبت 11 مايو 2024 - 11:24 ص

{إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} (التوبة: 36)


يقول العلامة الراحل الشيخ محمد متولي الشعراوي:


الشهور والأزمان عند الله هي اثنا عشر شهراً، وما دام قد قال: {عِندَ الله}، فهناك (عند) غير الله؛ وهناك (عند) الناس.

وأوضح سبحانه لخلقه: قَدِّروا أزمانكم بمصالحكم، وهذا ما يحدث في الواقع المعاش.. إنك تجد من يزرع حسب التقويم القبطي، حيث تكون شهور الصيف فيه ثابتة، وكذلك شهور الشتاء والربيع والخريف؛ لأن التقويم القبطي قائم على التقويم الشمسي.

ولكن الحق سبحانه وتعالى يريد للقيم أزماناً مخصوصة؛ لذلك قال: {إِنَّ عِدَّةَ الشهور عِندَ الله اثنا عَشَرَ شَهْراً} وأوضح سبحانه: لا تجعلوا زمن القيم كالأزمان التي تجعلونها لمصالحكم.

وأراد الله سبحانه أن تعم القِيمَ كل الزمن، ولا تكون مقصورة على أزمان معينة، ولذلك اختار سبحانه أزماناً للصلاة مثلاً، فصلاة الصبح لها قوت، وصلاة الظهر لها وقت، والعصر لها وقت، والمغرب لها وقت، والعشاء لها وقت. ولكن أوقات الصلاة رغم أنها محدودة فهي تشمل الزمن كله؛ فالصلاة تقام مثلاً في أسوان، وبعد دقائق في الأقصر، وبعد دقائق في القاهرة، وبعد دقائق في الإسكندرية، ثم تتدرج إلى دول أوربا، وهكذا. فكأنها لا تتوقف عند فترة معينة، بل هي مستمرة حسب اختلاف الأوقات في الدول المختلفة، فصلاة الفجر- على سبيل المثال- قبل شروق الشمس. والشمس تشرق في كل دقيقة على بقعة مختلفة من الأرض. فكأن الصلاة دائمة على سطح الأرض. بل أكثر من ذلك نجد أننا في الوقت الذي نصلي فيه نحن الظهر، قد يصلي غيرنا العصر في شمال أوربا، والمغرب في أمريكا، والعشاء في كندا مثلاً، فكأن الصلاة تقام في كل وقت على ظهر الأرض؛ ذلك لأن الكون كله مُسبِّح لله.

أفضل أيام الله 


ونأتي بعد ذلك إلى اختيار الله ليوم وقفة عرفات، ولشهر الصوم وغير ذلك من الأوقات، فشهر رمضان يأتي مرة في الصيف، كما يأتي في الشتاء وفي الربيع، وفي الخريف. كذلك الحج يأتي في فصول السنة المختلفة. وهكذا شاء عدل الله أن تكون الأيام المفضلة عنده مُوزَّعة على الزمن كله. وجعل الحق سبحانه وحدة الزمن هي اليوم، واليوم يتكون من الليل والنهار، والأيام وحدتها الشهر، والشهور وحدتها العام، وجعل من مهمة الشمس أن تحدد لنا اليوم، ومن مهمة القمر أن يحدد لنا الشهر؛ فهو في أول الشهر هلال، ثم تربيع أول وتربيع ثانٍ فبدْر إلى آخره. إذن فالقمر هو الذي يحدد بداية الشهر ونهايته.

ولقد حدد الحق سبحانه شهور العام، فقال: {إِنَّ عِدَّةَ الشهور عِندَ الله اثنا عَشَرَ شَهْراً} وقال: {مِنْهَآ أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ}.

ولكن لماذا لم يجعل الحق الأشهر سلاماً؟ نقول: إن الحق في تشريعه أراد أن يسود السلام، ولكن الحرب أيضاً قد تكون سبباً لتحقيق السلام، فليس كل إنسان أو مجتمع يسير على الجادة، فمن الممكن أن تخرج جماعة عن الجادة، ولهذا لابد من قتال تلك الجماعة، ولابد كذلك من وقفة للخير أمام الشر، وما دام الإنسان له اختيار؛ فقد يسير في اختياره إلى ناحية السوء؛ لذلك لابد أن يضرب المجتمع على يد المسيء، وإذا ما اختارت دولة قتال دولة أخرى اعتداءً، فالحرب ضرورة للدفاع.

وكذلك لو أن الحق قد جعل العام كله أياماً حُرُماً لأذلَّ الكفار والمشركون المؤمنين؛ لأن الكفار والمشركين سيعصون الله ويحاربون، والمؤمنون ملتزمون بأمر الله، فكأن الله قد فرض العبودية على المؤمن به. وأعطى السيادة لغير المؤمن. ثم إن قوى الخير والشر تتصارع في هذا الكون، وقوى الحق والباطل تتقاتل، ولابد من وقفة للحق أمام الباطل، ولذلك أباح الحق في الأشهر الحرم القتال، حتى إذا استشرى الباطل تصدى له الحق بالقوة، ولذلك قال شوقي:
الحرْبُ في حَقٍّ لَديْكَ شريعةٌ *** ومِنَ السُّمُومِ النَّافِعَاتِ دَوَاءُ

إذن: فقد شاء الله أن يوجد من يقاوم الباطل، وضمن للحق أن يحارب الباطل ويواجهه؛ لذلك لم يشرع تحريم القتال في العام كله. ولكنه شرع هذا التحريم فقط أربعة أشهر يذوق الناس فيها حلاوة السلام ويتوقف فيها القتال وتتاح الفرصة للصلح.

اقرأ أيضا:

فوائد لم تسمعها من قبل عن حبس "يونس" في بطن الحوت

المعركة بين الحق والباطل 


ولقد أوجد سبحانه في الكون سُنَّة، هي أنه إذا ما التقى حق وباطل في المعركة فالباطل ينهزم في وقت قصير. وإن رأيت معركة تطول سنوات طويلة فاعرف أنه بين باطل وباطل، وإذا قامت الحرب بين وباطل فإن السماء لا تتدخل، وأما إذا قامت المعركة بين حق وباطل فإن السماء تنصر الحق على الباطل. ولا تقوم معركة بين حَقَّيْن أبداً؛ لأن الحق في الدنيا كلها واحد، فلا يوجد حقان، بل حق وباطل، وإن وجد الصراع فإنه لا يطول بينهما؛ لأن الباطل زهوق بطبيعته، وإن وجدت حرب بين باطلين، فالسماء توضح لنا أنه لا يوجد باطل منهما أولى بأن ينصره الله على الآخر؛ بل يترك سبحانه هذا الصراع لأسبابهم؛ مما يطيل أمد الحرب.

وحين شرع الله الأشهر الحرم، ضمن الناس مطلوبات السلام الدائم؛ لأن الناس تنهكهم الحرب ويحبون أن يرتاحوا منها، فإذا جاءت الأشهر الحرم كانت فرصة للناس ليوقفوا الحرب، دون أن يشعر أحدهم بالذل والهوان والهزيمة. ونحن نلجأ إلى ذلك أحياناً، فإذا كنا في بيت يسكنه عدد من الناس- كما يحدث في الريف- وسُرِق شيء ثمين من هذا البيت، والسارق من السكان ونريد منه أن يعيده دون أن ينكشف أمره فهم يحددون مكاناً معيناً، وكل واحد من سكان البيت يأتي ليلاً ويضع حفنة من التراب في هذا المكان، لعل السارق يضع ما سرقه دون أن يعرفه أحد، وفي هذا ستر له فلا ينفضح أمام الناس.

والأشهر الحرم فرصة للسلام دون أن ينفضح أحد من الأطراف المتحاربة أمام الناس بأنه ضعيف أو غير قادر على الاستمرار في الحرب، وتتوقف خلالها الحرب وقد ستر الله كل أطرافها، وتقوى خلالها فرص أكبر للسلام والصلح، وبذلك تكون فرص السلام أكبر من فرص الحرب بكثير.

ولكن ماذا يحدث عندما يعتدي عصاة غير مطيعين لله على المؤمنين في الأشهر الحرم التي حرم الله القتال فيها؟ إن الحق سبحانه لا يعني بتشريعاته أبداً أن تكون مصدر إذلال للمؤمنين وإعزاز للكافرين؛ ولذلك ينبهنا إلى أننا يجب ألا نسمح لأعداء الله بأن يستغلوا حرمة الأشهر الحرم ليتمادوا في العدوان على المؤمنين، فأباح للمؤمنين القتال في هذه الأشهر إذا قاتلهم الكفار فيها، وكذلك في الأماكن المحرَّم فيها القتال، فقال: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشهر الحرام قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ...} [البقرة: 217].

القتال في الأشهر الحرم 


وهكذا أباح الله القتال في الشهر الحرام ليدافع المؤمنون فيه عن أنفسهم إذا بدأهم الكفار بالقتال، وأباح الحق سبحانه أيضاً القتال في المسجد الحرام إذا قام الكفار بقتال المؤمنين فيه، رغم أننا نعلم أن تحريم القتال في المسجد الحرام هو تحريم دائم، ولكن الحق سبحانه وضع استثناء فقال: {وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ المسجد الحرام حتى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فاقتلوهم كَذَلِكَ جزاء الكافرين} [البقرة: 191].

وهكذا جاء التقنين الإلهي ليحمي المؤمنين من طغيان الكافرين، فالمؤمنون يلتزمون بعدم القتال في الأشهر الحرم كما أمر الله؛ بشرط التزام الطرف الآخر الذي يقاتلهم، فإن لم يلتزم الكفار بهذا التحريم، فسبحانه لا يترك المؤمنين للهزيمة، وهكذا شاء الحق أن يضع التشريعات المناسبة لهذا الموقف. فإن احترمها الطرفان كان بها، أما إن خالفها الكفار فقد سمح الله للمؤمنين بالقتال.



الكلمات المفتاحية

القتال في الأشهر الحرم أفضل أيام الله إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ الشيخ محمد متولي الشعراوي

موضوعات ذات صلة

الأكثر قراءة

amrkhaled

amrkhaled {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذ