البعض منا حين يقع في بلاء ما تراه يقف بين الناس ويقول هذه الجملة التي باتت معروفة بين الناس: «لماذا أنا بالذات الذي تقع عليه المصائب»، وهي جمل لو يعلم قائلها مدى كارثيتها لسكت عنها من فوره، عسى ألا يكتبها الله عز وجل عليه اعتراض على قضاء الله وقدره.
عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن عبد حتى يؤمن بالقدر خيره وشره حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه»، ومن ثم فإن كل شيء بقدر الله، ولا يحدث أي شيء في أرض إلا بقدر الله، ومن ثم لابد أن يكون المؤمن موقنًا في ذلك، قال تعالى: « إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ » (القمر: 49)، وقال أيضًا سبحانه وتعالى: « وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا » (الأحزاب: 38)، وقال عز وجل: « مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ » (التغابن: 11).
قدرنا كمسلمين
مهما وقعت في بلاء، فإياك أن تنس أن الله فضلك على جميع المخلوقات، وخلقك مسلمًا، ألا يكفي ذلك أن تحمده آناء الليل وأطراف النهار، فقد كان من الممكن أن تخلق لأبوين غير مسلمين، وحينها ستعيش باحثًا عن الحقيقة وقد تموت ولم تصل إليها، لكن حينما يبتليك الله في القليل، -إذ أنه مهما كان البلاء لا يمكن أن يكون أهم من كونك مسلمًا- تجزع وتعترض (وتولول)، وكأن الدنيا كلها تآمرت عليك، والأمر ليس كذلك، وإنما هو مجرد اختبار من الله عز وجل ليعرف مدى صلابتك وقوة إيمانك.
قال تعالى: «أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ» (العنكبوت 2)، فحتى يميز الله الخبيث من الطيب يجب أن يبتلي الناس، والطيب بالتأكيد هو الذي يصبر على أي بلاء مهما كان، لعلمه ويقينه أن الله لا يمكن أن يأتي سوى بخير.
اقرأ أيضا:
العمل في الدنيا 4 أنواع بحسب نيتك ..اعرف مدى إخلاصك حتى يرضى عنك ربكهي في كتاب
أي مصاب يصيب المؤمن إنما هو في كتاب من قبل أن يخلق الله السموات والأرض، فإذا علمت أن قدرك محسوم، فكيف بك تجزع؟، وكيف لا تترك أمورك كلها على الله عز وجل، وأنت موقن في أنه سبحانه وتعالى قادر على رفع هذا البلاء مهما كان.
قال الله تعالى: « مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ » (الحديد: 22)، فاحذر أن تقع في الامتحان وتسقط فيه، بل بمجرد أن يبتليك الله اذكره فيخفف عنك، وكن من الصابرين الذين قال الله عز وجل فيهم: «وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ».