يسأل أحدهم: لماذا سميت الصدقة بهذا الاسم؟.
الإجابة مبينة في دلالة الاسم ذاته، إذ أنها -حسبما قال الإمام ابن عثيمين- تدل على صدق إيمان صاحبها، لأن المال محبوب إلى النفس ولا يترك المحبوب إلا لما هو أحب منه، والشيء الأحب من المال بالنسبة للمتصدق هو الثواب، الذي يحصل له، ومن ثم فكونه يبذل ما يحب في هذه الدنيا رجاء لما يحبه في الآخرة دليل على صدق إيمانه.
وهو ما يؤكده المولى عز وجل في قوله: «لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ» (آل عمران 92)، وفي ذلك قال النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم: «والصدقة برهان»، أي برهان على صحة إيمان العبد، هذا إذا نوى بها وجه الله، ولم يقصد بها رياء ولا سمعة.
الإحسان
إذن ليعلم كل مسلم، موقن ومؤمن بالله عز وجل أيما إيمان، أن الله عز وجل جعل الإنفاق على السائل والمحروم من أخص صفات عباد الله المحسنين، فقال عنهم: «إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ * وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ» (الذاريات:16-19).
ما ووعد سبحانه وتعالى وهو الجواد الكريم الذي لا يخلف الميعاد- بالإخلاف على من أنفق في سبيله، فقال سبحانه: «قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ ۚ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ» (سبأ 39)، ووعد بمضاعفة العطية للمنفقين بأعظم مما أنفقوا أضعافاً كثيرة، فقال سبحانه: «مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً ۚ وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ» (البقرة:245).
اقرأ أيضا:
العمل في الدنيا 4 أنواع بحسب نيتك ..اعرف مدى إخلاصك حتى يرضى عنك ربكجهاد
قد لا يعلم بعض المسلمين، أن الصدقة تعد من أنواع الجهاد في سبيل، فالرجل يجاهد في سبيل الله عز وجل بماله، وبنفسه، بل إن الجهاد بالمال ورد مقدماً على الجهاد بالنفس في جميع الآيات التي ورد فيها ذكر الجهاد إلا في موضع واحد، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم».
وقد تضمنت السنة النبوية العديد من الأحاديث المرغبة في الصدقة، والمبينة لثوابها وأجرها، ما تقر به أعين المؤمنين، وتهنأ به نفوس المتصدقين، ومن ذلك أنها من أفضل الأعمال وأحبها إلى الله عز وجل.
في الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «وإن أحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مؤمن، تكشف عنه كرباً، أو تقضي عنه ديناً، أو تطرد عنه جوعاً».