لم يترك لنا نبينا الأكرم صلى الله عليه وسلم، شيئًا إلا وعلمنا إياه، والهدف هو الوصول إلى اليقين في الله عز وجل، والتوحيد والخضوع والانقياد الكامل له سبحانه، لكن جميعنا بالفعل (عبدًا) لله، فكيف تكون أنت الأعبد من بين خلقه، وكثير منا بالفعل أغنياء، فتكون أنت الأغنى؟، وكثير منا مؤمنون، فكيف تكون الأكثر إيمانًا، وكثير أيضًا مسلمون، فكيف تكون الأكثر إسلامًا، فقط أمام ذلك، اتبع هذه النصيحة النبوية العظيمة.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من يأخذ عني هؤلاء الكلمات فيعمل بهنّ أو يعلمهنّ من يعمل بهنّ؟»، قال أبو هريرة: فقلت أنا يا رسول الله، فأخذ بيدي فعدّ خمسًا، قال: «اتّق المحارم تكُن أعبدَ النّاس، وارضَ بما قسَم الله لك تكُن أغنى النّاس، وأَحسن إلى جارك تكُن مؤمنًا، وأحِبّ للنّاس ما تحبّ لنفسك تكن مُسلمًا، ولا تُكثر الضّحك فإنّ كثرةَ الضّحك تُمِيتُ القلب».
ترك المنهيات
والحديث يحمل العديد من النصائح النبوية، التي إن اتبعها أحدنا نال كل ما يتمنى لاشك، فاتقاء المحارم تشمل جميع المحرمات من فعل المنهيات وترك المأمورات التي جاء ذكرها في كتاب الله تعالى، وفي سنة نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم، كالشرك وقتل النفس والسّرقة والزنا والنميمة والكذب والخيانة وقول الزور وأكل الربا وعقوق الوالدين وقطع الرحم وشرب الخمر والسحر وغيرها.
ولعل التعبير بالاتقاء اعتناء لجانب الاحتماء على قاعدة الحكماء في معالجة الداء بالدواء، وبالتالي إذا اجتنب المرء جميع ما نهى الله عنه ارتقى إلى أعلى مراتب العبودية، لكونه جاهد نفسه على ترك الحرام، وفي ذلك تقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها موضحة ذلك المعنى: «من سرّه أن يسبق الدّائب المجتهد فليكفّ عن الذّنوب».
اقرأ أيضا:
العمل في الدنيا 4 أنواع بحسب نيتك ..اعرف مدى إخلاصك حتى يرضى عنك ربكالسعادة الحقيقية
إذن الحديث شامل لكل مناحي الحياة، وبالتالي من التزم بما جاء فيه، نال السعادة الحقيقية لاشك، فقط عليه أن يرضى بما قسم له، وألا يطمع فيما بيد غيره، وأن يحسن إلى جاره، وأيضًا أن يحب للناس ما يحب لنفسه، وألا يكثر من الضحك حتى لا يميت قلبه، وكلها أمور حصادها، الخير كل الخير في الدنيا، والسعادة الأبدية في الآخرة، فما أعظم غنى القلب والرضا وسكينة النفس.
قال الله تعالى: «يوم لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيم» (الشّعراء: 88-89)، فالقلب السليم هو القلب المطمئن الذي رضي بما قسم الله له، واطمأن بذكر الله عز وجل، قال تعالى: «الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ» (الرّعد: 28).