جميعنا يتمنى السمو والعلو، وأن يحالفه النجاح والتوفيق، وأن يكون من بين أعالي الناس قدرًا، لكن للأسف كثير من الناس لا يدري كيفية الوصول إلى هذه الدرجة العظيمة، أو ربما يتصور أن الخطى (المبللة بالأخطاء والذنوب وربما الغش والجرائم) هي أقصر الطرق للوصول إلى ما يريد.
بينما الحقيقة أن أقصر الطرق في مكان آخر تمامًا، لا يدركه إلا العاقلون، ولا يعرفه إلا الماهرون، وهو أن تلجأ إلى لاله بالسجود إليه، فمن سجد ونزل من خيلاءه إلى التعبد لله، رفعه الله لاشك إلى أعلى الدرجات.. أنار له طريق الحق والصواب، ويسر له أمور النجاح، وأرضخ له العباد، وكأنه ملكًا عليهم.
يروى أن ثوبان رضي الله عنه عندما سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن عمل يدخله الله به الجنة، فقال صلى الله عليه وسلم: «عليك بكثرة السجود، فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة، وحَطَّ عنك بها خطيئة».
اطلب واتمن
هل تعلم أن الله يمنحك فرصة لأن تطلب وتتمنى عليه بما تشاء وقتما تشاء، أينما تشاء، فقط بأن تسجد له، وتخضع له، وتسأله ما تريد، وهو عليه التنفيذ، حتى لو تأخر قليلا، لكن الله لا يمكن أن يرد عبدًا لجأ إليه أبدًا يومًا ما، وقد يكون أقصى أماني المؤمن أن يدخل الجنة، وينال رضا الرحمن، ويكون رفيق النبي صلى الله عليه وسلم فيها.
غير أن هذه الأمنية تحتاج من العبد العمل الجاد والمتواصل، وذلك لأن الجنة سلعة غالية، والشيء الغالي لابد له من ثمن يقدمه المرء ويدفعه مهما كان قدر هذا الثمن، ولأجل هذا أجاب النبي صلى الله عليه وسلم لمن سأله مرافقته الجنة أن يكثر من النوافل وعبر عنها بالسجود،
عن ربيعة بن كعب الأَسلمي رضي الله عنه قال: «كنت أبِيت مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأتيته بِوَضوئِه وحاجته فَقَالَ لِي : « سل ». فقلت أَسألك مرافقتك في الجنة. قال : أوَ غير ذلك، قلت هو ذاكَ، قَالَ : فَأَعِنِّى عَلَى نفسك بكثرة السجود».
اللذة الحقيقية
قد يختلف مفهوم اللذة من شخص لآخر، لكن يتفق الجميع على أن اللذة الحقيقية في ساعة ليل، والناس نيام، والوقوف بين يدي الله عز وجل، تسأله خيري الدنيا والآخرة، وتخرج من الصلاة وكأنك في راحة نفسية أبدية، وكأن كل ما تمنيته وطلبته نُفذ من فوره.
فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه مر على قبر دفن حديثًا، فقال: «من صاحب هذا القبر»؟! فقالوا: فلان، فقال: «ركعتان خفيفتان مما تحقرون وتنفلون يزيدهما هذا في عمله أحب إليه من بقية دنياكم»، أي أن الناس يرغبون عن الدنيا حتى تكون السجدة الواحدة أحب إليهم من الدنيا وما فيها.
اقرأ أيضا:
طالب النبي بالخلاصة من أجل النجاة.. فأوصاه بهذا