قد يملك الإنسان الدنيا كلها وعلى الرغم من ذلك لا يشبع، فهذا قارون منحه الله عز وجل ما لم يمنحه لأحد، ومع ذلك ضل، لأنه لم يشبع، وذلك أن الشبع إنما هو في اليقين بالله عز وجل وفي غنى النفس.
عن أبي ذر رضي الله عنه ، عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : « يا أبا ذر ، أترى كثرة المال هو الغنى ؟ " قلت : نعم . قال : " وترى أن قلة المال هو الفقر ؟ " قلت : نعم يا رسول الله . قال : " ليس كذلك إنما الغنى غنى القلب ، والفقر فقر القلب »، فإذا نظر الإنسان إلى من هو أغنى منه، فقد يدفعه ذلك إلى ازدراء نعمة الله عليه، ولذا نهانا الله عز وجل ورسوله الأكرم صلى الله عليه وسلم، عن التطلع لما في أيدي الناس في أمور الدنيا، قال الله تعالى: «وَلا تَمُدَّنَ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى» (طـه: 131).
الرضا بالمقسوم
فإن رضيت بما قسمه الله لك، ستكن لاشك أغنى الناس، فقد قال النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف : «وارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس»، أي اقنع بما أعطاك الله، وجعله حظك من الرزق، تكن أغنى الناس، فإن من قنع استغنى، فارض يا عبد الله بما قسم لك الله تكن أغنى الناس.
يقول النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، «من أصبح منكم آمنا في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها»، وإذا رأيت من هو أكثر منك مالاً وولدًا فاعلم أن هناك من أنت أكثر منه مالاً وولدًا فانظر إلى من أنت فوقه، ولا تنظر إلى من هو فوقك، وإلى هذا أرشد النبي صلى الله عليه وسلم، حيث قال: «انظروا إلى من هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم».
اقرأ أيضا:
أخطرها فتنة النساء والمال.. كيف تتعامل مع الفتن وتنقذ نفسك منها؟نفس لا تشبع
والغنى لاشك غنى القلب، لما ثبت في حديث آخر أنه قال صلى الله عليه وسلم: «اللهمَّ اجعلْ غناه في قلبِهِ»، لذلك كان من دعاء النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، كما نقله عنه أنس بن مالك رضي الله عنه : «اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، وقلب لا يخشع، ودعاء لا يُسمع، ونفس لا تشبع، ثم يقول: اللهم إني أعوذ بك من هؤلاء الأربع»، فارض بما قسم لك الله تكن أغنى الناس.
يقول النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم: «قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَسْلَمَ وَكَانَ رِزْقُهُ كَفَافًا وَقَنَّعَهُ اللَّهُ»، وقد أمر الله بذلك فقال لرسوله الكريم: «وَلا تَمُدَّنَ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى» (طه:131).