إذا كان الله عز وجل يراك أينما كنت، فحاول وأنت تعصيه ألا يراك هذه المرة.. فإن أنت نجحت في ذلك، (أن تعصي الله وهو لا يراك)، فكرر الأمر ثانية وثالثة ورابعة، ولا تتردد، وحينها عليك بأن تنسى قوله تعالى: «هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ۚ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا ۖ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ» (الحديد 4)، فإذا نسيت الآية، وراح عن بالك أنه سيراك أينما كنت فاعصه، لأنك حينها ستكون بالأساس بلا عقل.
إبراهيم بن الأدهم
جاء رجل إلى إبراهيم بن أدهم، فقال له: "لقد أسرفت على نفسي بالمعاصي والذنوب، وأردت أن أتوب إلى الله عز وجل فماذا أصنع"؟، فأعطاه إبراهيم خمس خصال حتى يعصي الله أو يتوب، إذ قال له: إذا أردت أن تعصي الله فلا تأكل من رزق الله.. وإن أردت أن تعصي الله فاخرج من أرضه، ابحث عن أرض ليست لله فاعصه هناك، ابحث عن مكان ليس ملكا لله وليس في ملك الله، واعصه كما تشاء.. وإذا أردت أن تعصي الله جل وعلا فابحث عن مكان آمن لا يراك الله فيه.. وإذا جاءك ملك الموت ليقبض روحك، قل له أخرني حتى أتوب توبة نصوحا وأعمل لله عملا صالحًا.. وإذا جاءتك الزبانية يوم القيامة ليأخذوك إلى النار، فلا تذهب معهم، قاومهم وامتنع عن الذهاب معهم.. وخذ بنفسك إلى الجنة"، فقال الرجل وكيف ذلك كله، وهل يستطيع أحد فعل ذلك؟.. بالتأكيد لا.. فأعلنها أنها تاب من يومه توبة نصوحًا.
اقرأ أيضا:
أخطرها فتنة النساء والمال.. كيف تتعامل مع الفتن وتنقذ نفسك منها؟الله معنا
اعلم يقينًا أن الله معنا أينما كنا، قال تعالى: «يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ » (غافر: 19)، وأنه الوحيد الذي يحيي ويميت، قال تعالى: «فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ » (الأعراف: 34).
وليس بعيب على الإطلاق أن يذكر الإنسان نفسه بأن الله يراقبه، فيخشاه، وإنما العيب كل العيب أن يعلم أن الله يعلم عنه كل شيء ولا يسترجع من فوره، فإياك أن تكون مما قال فيهم رب العزة: «وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ » (لقمان: 7)، ولكن كن ممن قال فيهم: «وَلَا عَلَى ٱلَّذِينَ إِذَا مَآ أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَآ أَجِدُ مَآ أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّواْ وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ ٱلدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُواْ مَا يُنفِقُونَ».