يا من تخشى "بكرا" وربما "بعد بكرا"، وتنسى أننا لا نعرف أي شيء عن المستقبل، ولكننا نعلم أنه بيد الله، ونعلم أيضًا أن الله لا يكتب إلا الخير، فاطمأن وتفاءل وكن واثقًا من أن القادم أفضل بإذن الله، ومن ثمّ فإن من أعظم الأسباب التي تحصل بها طمأنينة النفس وتحمل مشاق هذه الحياةِ، الإيمان الصادق والعمل الصالح.
إذ يقول الله تعالى: « مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ » (النحل: 97)، فبالإيمان الراسخ يهون الله عز وجل على العبد ما يلقاه، فعن أبي يحيى صهيب بن سنان رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له».
اليقين في الله
لكي تتحقق الطمأنينة من المستقبل عليك باليقين في الله عز وجل، وبأنه لن يضيعك أبدًا، طالما كنت متوكلا عليه خير التوكل، وتوقن بأن الله سبحانه وتعالى بيده خزائن السماوات والأرض، قال تعالى: « وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ » (الأنعام:59).
وعليك أن توقن أيضًا بأن الذي يتوكل على ربه فإنما يأوي إلى ركن شديد، وأن يوقن بأن الله سبحانه وتعالى هو الذي ينجي من الكربات، من كربات البحر، ومن الكربات المالية، ومن جميع أنواع الكرب، كما قال سبحانه وتعالى في كتابه: « قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ * قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ » (الأنعام: 63).
اقرأ أيضا:
أخطرها فتنة النساء والمال.. كيف تتعامل مع الفتن وتنقذ نفسك منها؟الاختيار بيدك
يا من تتفكر في مستقبلك، اعلم يقينًا أن السعادة والشقاوة بيد خالق السماوات والأرض وقد بين لنا في كتابه سببهما فقال سبحانه « فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا » (طه: 123، 124)، إذن الاختيار بيدك، إما أن تختار طريق السعادة، أو وليعاذ بالله طريق الشقاء، فقط بأن تختار بين تبعية الله أو الإعراض عنه.
وفي ذلك يقول ابن عباس رضي الله عنهما: «فلا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة.. أي، من اتبع هدى الله، وهدى الله هو الكتاب والسنة»، وهو ما يؤكده المولى عز وجل في قوله تعالى: « مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ » (الحديد: 22-23).