من القواعد التي أرساها الإسلام والآداب التي أمر بها غض البصر قال تعالى : "قل المؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم..".
والنظر إلى النساء على ما فيه من مفسدة للدين وقلة إيمان يورث القلب ظلمة ويهي النفس للمعصية فالنظرة بريد الزنا وخطوة من خطواته وقد نهانا الله تال عن اتباع خطوات الشيطان والانسياق وراءه فقال: ولا تتبعوا خطوات الشيطان".
وغض البصر ليس قاصر على الرجال كما يشاع بل إن المؤمنات أيضا مأمورات بغض البصر وحفظ الفرج كما الرجال قال تعالى :(وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ..)الآية، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "... وخير صفوف النساء المؤخر، وشرها المقدم، يا معشر النساء إذا سجد الرجال فاغضضن أبصاركن.."الحديث.
غض البصر عند السلف:
ولقد عني سلفنا الصالح رضي الله عنهم بغض البصر عناية عظيمة فوجدنا منهم مواقف ومواعظ في هذا الباب تنبئ عن علو همتهم في هذا، ومن ذلك قول أنس رضي الله عنه: إذا مرت بك امرأة فغمض عينيك حتى تجاوزك"، وقال بعضهم: من حفظ بصره أورثه الله نورا في بصيرته، وكان سفيان رحمه الله إذا خرج في يوم العيد قال: إن أول ما نبدأ به اليوم غض أبصارنا، ولما قال رجل للحسن رحمه الله: إن نساء العجم يكشفن صدورهن ورؤوسهن قال: اصرف بصرك.
فوائد غض البصر:
ولغض البصر فوائد كثيرة وجليلة منها ما ذكرت ابن القيم رحمه الله كالتالي:
1- تخليص القلب من ألم الحسرة، فإن من أطلق نظره دامت حسرته.
2- أنه يورث القلب نورا وإشراقا يظهر في العين وفي الوجه وفي الجوارح، كما أن إطلاق البصر يورثه ظلمة تظهر في وجهه وجوارحه.
3- أنه يورث صحة الفراسة، فإنها من النور وثمراته، قال شجاع الكرماني: من عمر ظاهره باتباع السنة، وباطنه بدوام المراقبة، وغض بصره عن المحارم، وكف نفسه عن الشهوات، وأكل من الحلال- لم تخطئ فراسته.
4- أنه يفتح له طرق العلم وأبوابه، ويسهل عليه أسبابه, وذلك بسبب نور القلب، فإنه إذا استنار ظهرت فيه حقائق المعلومات، ومن أرسل بصره تكدر عليه قلبه وأظلم.
5- أنه يورث قوة القلب وثباته وشجاعته، قال بعض الشيوخ: الناس يطلبون العز بأبواب الملوك، ولا يجدونه إلا في طاعة الله.
6- أنه يورث القلب سرورا وفرحة وانشراحا أعظم من اللذة والسرور الحاصل بالنظر، فلذة العفة أعظم من لذة الذنب.
متى باح النظر للأجنبية:
وبرغم إن إطلاق البصر للنساء الأجنبيات محرم شرعا فإن هناك حالات بعينها حددها العلماء يبيح فيها الشرع النظر للنساء، يقول ابن قدامة في المغني : ولا خلاف بين أهل العلم في إباحة النظر أي للخاطب إلى وجهها وذلك لأنه ليس بعورة وهو مجمع المحاسن، وموضع النظر ولا يباح له النظر إلى ما لا يظهر عادة..... ويباح للطبيب النظر إلى ما تدعو إليه الحاجة من بدنها... وللشاهد النظر إلى وجه المشهود عليها... وإن عامل امرأة في بيع أو إجارة فله النظر إلى وجهها ليعلمها بعينها فيرجع عليها بالدرك، وقد روي عن أحمد كراهة ذلك في حق الشابة دون العجوز، ولعله كرهه لمن يخاف الفتنة أو يستغني عن المعاملة، فأما مع الحاجة وعدم الشهوة فلا بأس. اهـ
وقال النووي : ويجب على الرجال غض البصر عنها في جميع الأحوال إلا لغرض صحيح شرعي وهو حالة الشهادة والمداواة وإرادة خطبتها، أو شراء الجارية، أو المعاملة بالبيع والشراء وغيرهما ونحو ذلك، وإنما يباح في جميع هذا قدر الحاجة دون ما زاد. والله أعلم.
ويحرم نظر الوجه بشهوة وعند خوف الفتنة عند من يقول إنه ليس بعورة، وكذا نظر المستور من جسمها بشهوة.