يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: «اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ»، دعوة منا إلى الله العزيز الحكيم بأن يهدينا لهدايته، وإلى الطريق القويم المستقيم، وقد يستغرب المرء حين يعلم أننا نقرأها في الصلاة 17 مرة.
وهذه الدعوة من الله وحده، وعليك أن تلح فيها وأن تخرجها من قلبك حتى توفق إليها، وهي لاشك مطلب عام لجميع المسلمين بأن يهدهم الله عز وجل ويرشدهم إلى الصراط المستقيم، وهو الطريق الواضح الموصل إلى الله، وإلى جنته، وهو معرفة الحق والعمل به، وهي أيضًا اعتراف من العبد بأنه لا سبيل إلى هذه الهداية إلا عن طريق الله عز وجل وحده.
طريق الله
ويقينًا فإن طريق الله عز وجل بالأساس مستقيم ولا عوج فيه، فلا يمكن لمرء أن يستقيم إلا بعد أن يعود إلى الله عز وجل ويطلب منه إعانته على هذه الاستقامة، ثم بالفعل يتخذ هو هذا المنحى، ويسير وفق ما أملاه علينا الله عز وجل في شريعته سواء من القرآن أو السنة النبوية المطهرة.
يقول الله سبحانه وتعالى، لنبيه الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم: « وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا ۚ مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَٰكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا ۚ وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (52) صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ (53)» [الشورى: 52، 53].
فالرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم، بعثه الله ليهدي إلى صراط مستقيم، وهكذا الرسل جميعًا، كلهم بعثوا ليهدوا إلى الصراط المستقيم، أي يدعون الناس إلى الصراط المستقيم وهو توحيد الله وطاعة أوامره وترك نواهيه والوقوف عند حدوده، فهذا لاشك صراط الله المستقيم.
اقرأ أيضا:
أخطرها فتنة النساء والمال.. كيف تتعامل مع الفتن وتنقذ نفسك منها؟العمل بالقرآن
أيضًا في بعض التفسيرات أن الطريق المستقيم هو القرآن، إذ أن العمل به واللجوء إليه لاشك هو الهدى التام، الذي يريده الله ورسوله، وقيل هو الإسلام، إلا أن غالبية العلماء بينوا أنه إفراده الله عز وجل بالعبودية، وإفراد رسله بالطاعة، وهو مضمون شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، فهو الصراط الذي يرجوه كل مسلم.
ثم يبين الله سبحانه وتعالى وصف هذا الصراط في الآية التي تليها: «صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ» (الفاتحة:7)، حتى يعلم أن الصراط المستقيم إنما هو سبيل المؤمنين فقط وليس سبيل المغضوب عليهم ولا هو سبيل الضالين، لذلك تراه سبحانه وصى بها نبيه الأكرم صلى الله عليه وسلم، في قوله: «فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ» (الزخرف:43).