يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: «وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ۖ وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ۚ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ» (الأعراف 180).
ومن هذه الأسماء الهامة التي قد يعجز البعض عن فهمها، اسم الله الكبير، ذلك أن الله سبحانه وتعالى -كما يقول فضيلة الإمام الدكتور علي جمعة في إحدى خطبه- هو الكبير المطلق فهو أكبر من السموات والارض، وهو أكبر من الناس ومن الزمن، وهو أكبر من الجنة والنار سبحانه وتعالى.
والكبَر هنا ليس كبَر مسافة وحجم فإن الله منزه عن ذلك ، بل الكبَر معناه أنه سبحانه وتعالى هو المقدم وهو الاول وهو الآخر وهو الذي ليس لنا سواه في هذا الكون ، وهو مرجعنا سبحانه وتعالى، فإذا أردت الخير فعليك بالله وإذا أردت الدنيا فعليك بالله وإذا أردت الآخرة فعليك بالله ، وإذا أردت كل شيء فعليك بالله.
التوكل على الله
إذن من أهم معاني الكبير أنه ليس هناك رب سواه ، ومن أجل ذلك استحق منا أن نتوكل عليه وأن نرضى بقضائه وقدره و استحق منا الحمد و الشكر، وقد ورد هذا الاسم العظيم مقترنًا باسمه المتعالي في قوله تعالى: «عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِي» (الرعد:9).
وقد ورد أيضًا مقترنًا باسم العلي في عدة مواضع منها قوله تعالى: «ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ» (الحج:62).
كما ورد في السنة الصحيحة في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قضى اللّهُ الأمرَ في السماءِ ضرَبت الملائكةُ بأجنحتها خُضْعانا لقوله ، كأنه سِلْسِلةٌ على صفوان فإذا فُزِّعَ عن قلوبِهمْ قالوا : ماذا قال ربُّكُمْ ؟ قالوا للذي قال : الحقَّ ، وهو العليُّ الكبيرُ ، فَيَسمعُها».
اقرأ أيضا:
إياك والنظر إلى ما بيد الناس.. إذا أردت أن تكون حرًا فاترك الطمعأكبر من كل شيء
فالله هو الكبير في كل شيء لأنه أزلي وغني على الإطلاق، وهو الكبير عن مشاهدة الحواس وإدراك العقول، وهو ذو الكبرياء الذي هو كمال الذات أي كمال الوجود، وهو الذي كَبُر عن المشابهة، والكبير هو العظيم في كل شيء على الإطلاق في ذاته وصفاته وأفعاله الذي تجلى عن مشابهة مخلوقاته، فالله أعظم وأكبر من مما يتصور العبد أو يتخيله.
كما لا يجوز تخيل الكبير وتصوره: «وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً» (الإسراء:111)، والمعني، أي وعظمه تعظيمًا تامًا كاملاً، يليق بجلاله عز وجل، وبالثناء عليه، بأسمائه الحسنى، وبتمجيده بأفعاله المقدسة، وبتعظيمه وإجلاله بعبادته وحده لا شريك له، وإخلاص الدين كله له سبحانه.