قيام الليل من أعظم العبادات التي يقوم بها العبد المؤمن سواء في الأيام العادية او خلال رمضان وتحديدا في العشر الأواخر منه مصداقا لقوله تعالي "قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلًا * نِّصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ القُرْآنَ تَرْتِيلًا" "المزمل:2-4" باعتبارها طاعة عظيمة خض القرآن والسنة علي القيام بها وتوعد بالأجر العظيم من يفي بها باعتبارها عبادة لا يراها الا الليل ..
وفي سورة المزمل قال الله تعالي "قُمِ اللَّيْلَ قبل الفجر.. استيقظ.. وما الذي يجعلك تستيقظ؟ إنك تريد الله .. صل ركعتين واختمهما بركعة للوتر، "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة الليل مثنَى مثنَى، فإذا خشي الصبح أَوتر بركعة" "رواه أحمد في مسنده"
وبحسب إجماع المفسرين فإن الأمر بالصلاة والقيام بالليل باعتبار الليل صاحب القرآن، والليل فيه السكينة، وفي ثلثه الأخير ينزل ربنا سبحانه وتعالى إلى السماء الدنيا فيقول: "من يسألني فأعطِيَه، من يستغفِرُني فأغفِرَ له" "البخاري" فالله سبحانه وتعالى يعطيك فرصة، وفي هذه الأوقات بركة، وهذه البركة تتنزل فيها الأسرار والأنوار؛ الأسرار التي تنبثق من قلبك لتعلم الأدب مع الله، والأنوار التي تطمئن قلبك وتوجد البركة في حركاتك وسكناتك في يومك خصوصا في هذه الأيام المباركة التي نلتمس فيها ليلة القدر التي هي خير من الف شهر ..
وبحسب منشور للدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف فقد حض من خلاله علي ضرورة تجرِّيب قيام الليل؛ فإن الله ينور به القلوب ويغفر به الذنوب.. جرب قيام الليل؛ فهو مفتاح بسيط ولكن الله سبحانه وتعالى ذكره في سياق بناء شخصية عباد الرحمن، وأنت في قيام الليل كن خائفًا من الله.. خائفًا من عذابه .. ملتجئًا إليه سبحانه وتعالى؛ فإن هذا يجعلك تعيش في جوٍ آخر غير الجو الذي يريدون أن نعيش فيه، فتكون نفسك لوامةً في بداية الأمر ..
ومضي المفتي السابق لجمهورية مصر العربية بالقول :ثم لا تزال ترتقي حتى تصير راضية مرضية بعد ذلك .. مطمئنة في نهاية المطاف .. كاملة في سيرها إلى الله بعد ذلك فيجب علينا أن نقاوم ونصبر على ما قد جُبلنا عليه من توجه إلى الشر، ومن ميلٍ إلى الشهوات، وينبغي علينا أن نكون من المزكين للنفس، وبداية ذلك صلاة الليل تُوقِع فيها الدعاء فتلتجئ إلى الله ومن صلى الليل لا يفوته الفجر، ومن صلى الفجر كان في ذمة الله...
وتابع كل هذه الأشياء تناساها كثير من الناس، واستيقظوا بعد فوات الأوان وبعد شروق الشمس، ولا يدرون كيف أن المسلم إذا استيقظ في تلك الساعة أصبحت نفسه ثقيلة والشيطان قد ترصّد له.. جربوا مع الله ما أمر الله به، وسترونه بابًا قد فُتح لكم.. فيه الجمال وفيه الراحة وفيه الطمأنينة، وهو سهل يشترك فيه كل أحد، ليس صعبًا في فهمه، ولا في تطبيقه، ولا مستحيلاً في ذاته وهكذا علمنا ربنا في بناء النفس، ولم يعلمنا أن نتبعها ونتبع هواها "وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلالًا بَعِيدًا"
وفي هذا الزمان وتحديدا في هذه الأجواء الرمضانية الم باركة وخصوصا في العشر الأواخر من رمضان والكلام مازال لجمعة يحتاج المؤمن منا إلى نفسٍ راضيةٍ مرضيةٍ مطمئنة، يواجه بها هذا البحر بل البحار من الظلمات؛ الكيـد هنـا وهناك، وقلة العقل وقلة الحكمة التي قال فيها الله (وَمَن يُؤْتَ الحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا) [البقرة:269]، قد أصاب كثيرًا من الناس، وأنت في أشد الحاجة في هذه الأوقات إلى تقوية علاقتك مع ربك، وقيام الليل ليس بعيدًا عن الأحداث التي نحن فيها؛
لذا فعلينا أن تسنجد بالدعاء في جوف الليل؛ "وَالدُّعَاءُ يَنْفَعُ مِمَّا نَزَلَ وَمِمَّا لَمْ يَنْزِلْ، وَإنَّ الْبَلاَءَ لَيَنْزِلُ فَيَلْقَاهُ الدُّعَاءُ فَيَعْتَلِجَانِ "يتصارعان" إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ "رواه الطبراني" ، الدُّعاءَ. الدُّعاءَ..؛ الفعال لما يريد هو الله، والذي يحمي عبده هو الله..؛ نلجأ إليه كما لجأ إليه عبد المطلب قال: هذه غنمي وإن للبيت ربًّا يحميه.
اقرأ أيضا:
5عبادات احرص عليها من الآن لتفوز بليلة القدرومن ثم فعلينا أن نحسن العلاقة مع الله حتى نتقوى في السير في هذا الزمان ، وحتى نواجه هذا كله؛ لأنه رُكام "وهو جمعُ شيءٍ فوقَ آخَرَ حتى يصيرَ رُكامًا " يُذهبه الله في لحظة،...